حكام الشرع في الاختيارات ولمن تكون له عاقبة الانتخابات؟! / د.محمد المختار ديه

هل يمكن أن تكون الانتخابات تجسيدا لأي من مفاهيم التعاون على البر والخير وجلب النفع للناس، سنن الله الجارية مطالبه المفروضة على عباده عبادة وتبتلا بين البشر، والذي قضت سنة الله في الوجود أن يكونوا شعوبا وقبائل شتى، مطلوب منهم التعارف للتعاون والتكامل وتبادل المنافع والخيرات قال تعالى:{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} .

فبالتقوى وعلى مقتضياته تبنا الصلاة والوشائج، ويتم فيما بين أفراد المجموعة بعد التعارف التعاون الإنساني على قواعد البر والتقوى، التي أمر الله بها في قوله:{ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، وفي ذلك يتنزل أمر الانتخاب والاختيار، وإدراك أن الخير والبر لا يتوقع حصولهما من العصاة والفسقة والفاسدين، ذلك أن الله لا يصلح عمل المفسدين ولا يهدي كيد الخائنين، وخرم التعاون على الظلم والإثم والعدوان، ومنع العمل الذي يؤدي إلى إفساد الأمر بإسناده إلى غير أهله .

وصيغة التعارف في الآية الأولى تدل على المشاركة في الفعل بما يدل على أن كل واحد من البشر مطالب بأن يفعل الخير ويفعل له، وحتى يكون كل منهما فاعلا ومفعولا، وبذلك يصبح جمع أفراد الأمم والشعوب والقبائل سواسية، من حيث احتياج بعضهم إلى بعض في  مفردات ومفاهيم الحياة الدنيا ومتطلباتها، وكذلك في مقتضيات الدار الآخرة ومصير أهليها فيها .

مناهج شرعية ومفاهيم إسلامية وأصول حضارية وقواعد للنهوض والعمران، أناط الله نشرها في الناس وبثها في العالمين في أعناق الأفراد المؤمنين وخاصة منهم أولوا الأمر العلماء والحكام المسئولون بالدرجة   الأولى عن حال وماءال الأمة، قال صلى الله عليه وسلم، كما في الحلية عن عبد الله بن عباس، قال قال صلى الله عليه ةسلم:" صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس: العلماء والأمراء"، فالله ألطف بنا وبعلمائنا وبأمرائنا.

والمطلوب اليوم من الانتخابات كصيغة وتعبير عملي عن نمط وشكل التعاون بين الأفراد والجماعات وهم ينشدون المعروف وأوجه البر في تدبير الحياة العملية، أن يسعوا الناخبين  ومنتخبين في البحث عن صالحين من العلماء والأمراء، يصلحون حال الناس، فالعلماء والأمراء عندنا اليوم يبدوا الكثير منهم وكأنه قد تحالف وتعاهد على التضحية برفاه وسعادة شعوبهم من أجل بقاء الفاسدين في السلطة التي فشلوا في تدبير أمورها، وهم مصرون على أن يبقوا مسمرين  على كراسيهم المغصوبة، وأن علماءهم قد استولى عليهم الجبن المذل، واستحوذ عليهم الطمع المذهب للفقه وللحكمة من قلوبهم، وعقولهم، وألسنتهم .

ولله در الشاعر الجزائري  د / محمد بن عبد الكريم الذي يقول:

يا خير خلق الله! عد! ما ذا ترى؟!*** فالدين بعدك كالغريب الطرد

فالدين بعدك صار مصعد سافل *** باع الضمير بما به لم يصعد

فالدين بعدك بات مصعد عابث ***  بئس المصعد، وزج بالمتصيد

الله يشهد أن علم رجالنا ***  قد ضاع في شيئين دون تقيد

حب الدراهم رغبة في نفعها *** أو كره موت رهبة من معضد

الله يعلم ما يقاسي ديننا *** من ارتداد المسلمين وملحد

فالمسلمون عصوا أوامر ربهم *** والملحدون غزوا بفكر مفسد

كيف السبيل إلى نجاة بأمة *** باعت ضمير الدين دون تردد؟!

يا خير خلق الله! عد!  ما ذا ترى؟!*** فالمسلمون في بغضهم كالمبرد!!

فتشاجروا وتحاسدوا وتباغضوا*** وتخاذلوا عند العدو الأنكد

وتدابروا وتقاطعوا وتشتتوا*** في كل قطر أمرهم لم يسدد

أعمالهم فوضى وحرب بينهم *** أقوالهم توحي بسوء المقصد

تقليدهم أعمى لكل مفرج *** قولا وفعلا كالقرود في اليد

أبناؤهم- شرقا وغربا- طعمة ***للكفر والإلحاد منذ المولد

فحكامنا قد ألحدوا في دينهم *** وتفرنجوا وتنمروا للمرشد

وتفرعنوا وتجبروا وتحجبوا *** وتمركزوا وتسمروا في المقعد

وتوهموا أن الشعوب مسوقة *** مثل القطيع، وهم لهم بالمرصد

رحماك يا ربي! فأنت مجيرنا*** من حاكم متجبر متهدد

رحماك يا ربي! فأنت وقاؤنا *** من شر كل منافق متودد

الله أكبر! والصلاة يسوقها*** عطر السلام إلى الرسول محمد.

6. سبتمبر 2018 - 16:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا