الانسجام الاجتماعي السياسي / محمد سالم ولد اكرامه

الانسجام الاجتماعي السياسي يلعب دورا كبيرا في تحصين المجتمعات من خطر المتطفلين اللذين يسعون الى تحقيق مصالحهم أو تأكيد ذواتهم من خلال اطروحات ناقصة تهدف إلى تفكيك الأسرة و الدولة ككيان شامل و هذا ما لمسناه  في العديد من الدول العربية التي كانت مستقرة مطمئنة اجتماعيا و سياسيا رغم أنها كانت محكومة من طرف بعض الدكتاتوريين الذين يرفضون الاعتراف بالآخر

 و متشبعون بثقافة الاقصاء و موضة حب السيطرة والتملك و الأمثلة كثيرة على ذلك فمنذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والتي استهلكت بشكل مفرط برزت مجموعة من اشباه المثقفين والسياسيين ( أحزاب الظل) عملت على تفكيك الروابط الاجتماعية و العادات والتقاليد التي تحكم المجتمعات العربية بما فيها مجتمعنا الموريتاني  واستبدال تلك القيم بأخلاق وافدة من الغرب تدعو إلى اطلاق الحريات بشكل مفرط و غير معقلن ولا مقنن جعل الأنظمة السياسية تنهار والحواجز تتكسر فلم يعد الشيخ الحكيم مسموع الرأي ولا الفقيه الداعية مؤثر بدروسه ومواعظه فالعموم أصبح مفكرا و منظرا وأصبحت الأمة رؤوسا فذهبت ريحها وخصوصا مع بثوق نجم المجتمع المدني والهيئات الغير حكومية المدافعة عن حقوق الانسان والتي تعترض سبيل السلطات الرسمية إذا ما حاولت التدخل لتصحيح الوضع و إزالة الالتباس والغموض و المغالطة التي يستغلها البعض لمصالح ضيقة على حساب الأمن والسلم الأهلي وأختفى المثل الذي كان يقول ساعة من الأمن خير من الأرض وما فيها.
كيف تخالف القوانين وتعلن العصيان المدني ثم تلبس هذا التصرف بشعار الثورة ضد نظام قائم وإن كان البعض يعتبره متذبذبا في توجهاته و سياساته فإنه يحقق قدرا كبيرا من الأمن والسلم وإن كانت له ثغرات لا ترضي البعض في السياسة و الاقتصاد والصحة والتعليم إلا أن هذه الثغرات يبقى ضررها محدوا ويمكن تداركه و اصلاحه باستشارة أهل الحكمة والاختصاص فكيف تعلن ثورة وأنت ليست لديك البدائل الجاهزة لتغيير الواقع الأسوأ إلى الأحسن وكأن البديل الحاضر بقوة هو الفوضى الخلاقة والافراط و التفريط و هدر الطاقات و الوقت الذي لا يعوض بأي ثمن وعدم الدعوة بالانشغال بما هو مفيد فالحكمة هي البر والفوضى هي الآثام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (البر حسن الخلق و الإثم ما حاك في نفسك و كرهت أن يطلع عليه الناس) فالبر طاعة الله و رسوله واخلاص النصح للمسلم أما الإثم فهو النظريات السياسية التي تحاك في الخفاء دون الإعلان عنها وتهدف إلى تدمير الأمة وكسر شوكتها والأمثلة على ذلك كثيرة ما نشاهده الآن من الحروب بالوكالة أعاذنا الله منها في سوريا و اليمن و ليبيا تحت شعار الثورة الحرية المساواة حقوق المرأة الشفافية مكافحة الارهاب و معنى كل هذا تحريك المصانع الغربية وكل ما نجنيه الآن هو عدم تطبيقنا لوصايا النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم سيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم و محدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة.
فالرسول عليه الصلاة و السلام عندما أمره الله بالقراءة (اقرأ باسم ربك) كانت تلك القراءة متأنية تنطلق من الله عز وجل كخالق لهذا الوجود و لهذا الانسان ورازقه الحكمة و البصيرة و أنه رب كريم علم الأخلاق و القيم السامية التي هي الرحمة كأساس لبناء أي مشروع حضاري يراد له البقاء و النماء ومع هذا كله فالإنسان يسمع و يرى وهو مخير بين أمرين الخير والشر فلماذا يجبر نفسه على أن يكون طاغية يظلم الناس يدمر الحجر والبشر والشجر ينشر الحقد و التطرف لكسر شوكة المسلمين و من هنا نتذكر أهل السياسة انطلاقا من مقولة الدكتور والمفكر جميل منصور إذ يقول (نحن ناصحون ولسنا مناطحون) إنها عين الحكمة و انطلاقا من هذه المقولة الشهيرة علينا نحن كأمة اقرأ أن نضع خطا و نقرأ ونتأمل ونستنتج ما يلي: فالسياسي الواعي لقضايا أمته ينطلق من قاعدة الدين النصيحة والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الدين النصيحة). قلنا لمن فقال (لله و لكتابه و لرسوله ولأئمة المسلمين و لعامتهم).
أما السياسي المناطح فهو الآثم الذي يحاول تغيير الواقع انطلاقا من نظرته المادية التي تعمي القلوب متناسيا القيم الاخلاقية الديمقراطية التي تضع حدا للحقوق فحرية الإنسان تراجع عند الاضرار بجواره والجوار مصطلح جديد استنتجناه و يشمل الإنسان والحيوان والثروة الطبيعية للبلد و مؤسساته و هو مسؤول أمام الله عن ما يصيب هذه المصادر من ضرر إذا تجوزنا القاعدة الفقهية التي يبني عليها الغرب اليوم جل تشريعاته يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) وهذه القاعدة الفقهية تنطبق على السياسي الناصح العارف والفاهم لمقاصد الشريعة إذ يأخذ حقوقه كاملة دون نقصان منتهجا أساليب الحوار الراقية دون أن يضر جواره لأنه يبني حواره على أساس أخلاقي و علمي و منطقي طيب فالكلمة الطيبة تجعل من خصمك وليا حميما     

19. أغسطس 2018 - 1:27

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا