لم يكن الشباب الموريتاني ناضج بما في الكفاية إبان الحراك الشعبي لعام 2011 على غرار شباب المنطقة من المحيط إلى الخليج. تأكد هذا الأمر بعد انطلاق النسخة الموريتانية والتي عرفت في ذلك الوقت ب: "حركة 25 فبراير" تيمنا ب "14 يناير في تونس" و"25 يناير في مصر" و"17 فبراير في ليبيا" و"20 فبراير في المغرب"، وإن كانت الأولى قادت إلى إسقاط النظام والثانية والثالثة،
وقادت الرابعة إلى إصلاحه عبر دستور 2011، فإن الحركة الموريتانية تبخرت خلال أسابيع قليلة من ألقها؛ بداية عندما دبت الخلافات بين صفوف شبابها، وانتهاء عندما احتوى النظام بعضهم وأغراهم بالمناصب والمكاسب ليتراجعوا عن مطلب التغيير ويصبحوا أكثر ولاء للنظام من أزلامه.
هو الحراك الوحيد الذي كان بلا نتائج. وحتى لو افترضنا أن بعض الخطوات التي أقدم عليها النظام مثل تنظيم مسابقة لاكتتاب عدد زهيد من الشباب العاطل، أو بعض القروض التي منحتها وكالة التشغيل، أو حتى الإعلان عن مجلس أعلى للشباب، فكل ذلك كان يقدمه النظام منحة منه أو مكافأة، بدليل أن النظام نفسه لا يعترف بالحراك ويصفه بالفوضوي واللامسؤول.
وبسرعة فائقة توقف "حراك الشباب" ليبدأ "حراك الكهول" الذي يبدو أنه كان أكثر صبرا وجلدا، وهو ما عرف ب: "الحراك الحزبي" الذي تقوده أحزاب المعارضة الديمقراطية، و"حراك المجتمع المدني" و"الشخصيات المستقلة"، وإن كان هذا الأخير لم يقد إلى التغيير المنشود فعلى الأقل كشف عن تجربة مبتكرة لحراك الأحزاب، بعد أن ظلت الأحزاب الموريتانية متهمة بالتآمر مع الأنظمة العسكرية المتعاقبة، والحال أن الأحزاب السياسية كمنظمات مرخصة تتحرك في حدود ما يسمح به القانون، وليس في وسعها إلا المظاهرات والمسيرات والبيانات، بخلاف الحركات الاحتجاجية والثورية التي لا تعترف بشرعية وزارة الداخلية أحرى أن تحمل تراخيصها.
كل هذه العوامل تجعل الحراك الشبابي الموريتاني مجهول ولا يعرف عنه الكثير.
الآن بعد مرور قرابة 8 سنين على الحراك الشعبي عام 2011، وتجربة 25 فبراير الفاشلة، ينخرط الشباب الموريتاني وبشكل غير مسبوق في صراع الكبار على السلطة، وهو صراع أثبتت التجربة أنه يكون دائما لصالح السلطة. فماذا لو أصبح لموريتانيا برلمان ومجالس بلدية وجهوية من الشباب؟ وماذا لو خسر الشباب رهان الانتخابات؟.