انتشار الخيام بشكل عشوائي و فوضوي و الصور الشخصية للمترشحين و ألحان الأناشيد المتقاربة في السلم و الايقاع الموسيقي يجعلنا امام مشهد هزلي كوميدي اقرب من المشهد الحماسي المعهود لمثل هذه الحملات الانتخابية
و على الاقل على مستوى نواكشوط لا تكاد تميز اي نشاط ملموس او انشطة ميدانية للمترشحين
فغياب البرنامج و ضبابية الرؤية لاغلب المترشحين يجعل من الصعب جدا الأخذ بشكل جدي اي قيمة آنية او زمنية فالخيام الخاوية على عروشها و مكبرات الصوت التي تصدح بأغاني لا فرق بينها و بين استوديوهات بيع الأشرطة يدرك ان العملية لا تربو الى الأهمية المرجوة منها
هناك صنفان من المترشحين الأول لديه ماضي سياسي اسود و هو مستعد لدفع الغالي و النفيس و لعب كافة الاوراق و التحالف مع الشيطان للنجاح فالأمر بالنسبةله مسار حياة و كسب و رزق اما الصنف الثاني ذو يد بيضاء و ذاكرة طرية طازجة مع حلم بتحقيق امتيازات الحصانة و جواز السفر الأحمر العامل المشترك بين الأثنين هو الأرتجالية و غياب اي برنامج لتحسين ظروف المواطن
حسب متابعتي للحملة الأنتخابية على مستوى العاصمة أولا ضعف عام من ناحية المشاركة و السهرات و ان كانت الخيام المنصوبة فرصة لترفيه بعض الشباب الساهرين و هنا أود التطرق الى الموضوع من ثلاثة ابعاد :
الحزب الحاكم :
لم ينتظر حزب الاتحاد الأنطلاق الفعلي للحملة حسب المنصوص عليه دستوريا و قانونيا بل بدأ حملته مبكرا رغم الأخفاقات و الأنتكاسات التي صاحبت الانتساب و حتى كتابة هذه الأسطر لم يعلن الحزب الحاكم العدد الفعلي للوحدات كما أجل مؤتمره الى اجل غير مسمى
ومن المآخذ على الأتحاد الاستغلال المفرط لوسائل و موارد الدولة و التستر خلف الرئيس و ضم المشاريع المنجزة الى مكاسب حزبية و عناوين رئيسية في الحملات و اللقاءات و كأن هذه الأنجازات من جيوب الوزراء او تبرع خيري من الرئيس و ربما المنافسة الشرسة و تقلص القواعد الشعبية و ضعف الإقناع الخطابي أمور ادت إلى هذا الأختباء خلف الرئيس و هي مغالطة سياسية قد يدفع الأتحاد ثمنها لاحقا
حزب تواصل :
حسب استطلاع ميداني يعتبر تواصل من أكثر الأحزاب دقة في التنظيم و التعبئة و الألتزام و يمتلك ميكانيزمات ضبط و تحرك الحشود و الجماهير كما يمتاز التواصليون بالعمل و الإخلاص و الدفاع عن التوجهات العامة لبرامج الحزب فتواصل المنافس الأول بأمتياز للأتحاد و من المتوقع ان يكتسح الساحة الانتخابية
لقد اعتمد تواصل سياسة إقناع المنتسب مما يولد فكرة الأنتماء و التطوع و خلال مسيرة الحزب السياسية استطاع فهم قواعد اللعبة الديمقراطية رغم محاولة النظام التضييق عليه و مغازلته
المعارضة الراديكالية :
اثبتت المعارضة النفس الطويل في مقاومة النظام رغم محاولات الأختراق و التفتيت التي تعرضت لها وصلت في اغلب الأحايين الى الأستخدام المفرط للقوة و تلسيط سيف القضاء لقد ظلت متماسكة و تقاوم و يسجل لها السرية التامة في التخطيط و القرارات حيث راوغت بشكل محكم حتى اللحظة الأخيرة و شاركت بثقلها مما اربك الساحة السياسية برمتها التي ظلت شبه خالية و يتحكم فيها النظام بالريموت كونترول
مشاركة النعارضة النقليدية في الأنتخابات قلب موازين القوة و ألغى فرضية التزوير التى باتت المعارضة تتوجس خيفة منها و هذا يثبته المواقف و التصريحات و الإشهارات التي يروج لها النظام مستغلا نفوذ و مكانة الرئيس في قلب موازين القوى لقد وقع الحزب الحاكم في فخ المغاضبين و وقع المغاضبون في شرك احزاب الحقائب ليقع الأثنان في دائرة غضب الرئيس
لقد اصبحت احزاب الأغلبية في حالة موت سريري سياسي بعد تصريحات و تلميحات الرئيس مما يعني تهديد مباشر و رسالة غير مشفرة قد تحمل دلالة ابعد من ظاهر التصريحات و التهديدات و حسب قراءة متأنية للساحة السياسية لا يخفى على اي ملاحظ التخبط و العشوائية و التناقض و لم تسلم بعض احزاب المعارضة المحاورة من التصدع و الزلزلة
لا شك ان بعض التسريبات لشخصيات نافذة في حزب الأتحاد و التي تظهر بصفة جلية لا غبار عليها الوضع المحرج و الأزمة الخانقة و التي يحاول الرئيس التنفيس عنهاو اعطاء دفع معنوي رغم انها انتخابات نيابية و جهوية لكنها اتخذت مسار انتخابات رئاسية مبكرة و حملة سابقة لأوانها يبرهن ذلك الجولات المكوكية و التوجيه المباشر للتصويت لحزب الأتحاد
الوضع مبشر و أمام الجميع موالاة و معارضة فرصة ذهبية لمسار ديمقراطي سياسي فريد وإذا ما اتخذت المعارضة خطوات عملية فإن النظام سيصبح أمام احراج كبير او انتصار باهر
الآن الكرة في مرمى الناخب الذي هو وحده المؤشر لنجاح او إخفاق اي طرف