لقد انتشرت فوضى التصاريح فحققت موريتانيا السبق و ربما لو ترشحنا لدخلنا موسوعة غينيس للارقام القياسية لقد شمل الترخيص كافة مناحي الحياة و اصبح بإمكان اي شخص استصدار رخصة فمن المدارس الحرة و التي لا يتوفر معظمها على دورات مياه فيتبول الاطفال أكرمكم الله في الشارع الى رخص الجرائد الصحفية و التي لا يصدر اغلبها الى الصيدليات و العيادات و شركات الحقائب الوهمية
مرورا بترخيص البنوك و التي ظهرت احداها للبيع في احد المواقع التسويقية طبعا لابد ان نعرج الى الجمعيات غير الحكومية و التي ظهرت واحدة منها للبيع في نفس الموقع الترويجي رخص الصيد هي الاخرى لها نصيب
اخرا و ليس اخيرا ترخيص لاحزاب الاسرة لقد تجاوز عدد الاحزاب عندنا جميع الاحزاب العالمية مجتمعمة و ربما تجاوزنها بالنمل فوضى التراخيص رغم انها دليل على سهولة الولوج الى الخدمات الادارية الا انها تضعف هيبة الدول و تقلل من اهمية القوانين و الانضباط فعلى سبيل المثال لابد من شروط الزامية لاي ترخيص و اي اخلال بشرط او بند من بنود الالتزامات هو الغاء اوتوماتيكي للطلب
لقد دأبت الحكومات المتعاقبة على تكريس الروابط الاجتماعية لاغراض سياسية و وظيفية و هو امر في غاية الخطورة حيث تولدت فكرة الولاء للقبيلة بدل الوطن لانها الطريق السالك للتعيين و الامتيازات المادية المعتبرة حيث رسخت مع مرور الزمن في اذهان الناس ان الخروج عن ارادة القبيلة هو تمرد و عصيان و خروج من دائرة المستفيدين المناصرين للحاكم بغض النظر عن الاداء او الانعكاس المستقبلي ربما لعب الجهل و ضعف الوعي المدني و الوطني دورا في استفحال الظاهرة لكن السياسة هي المؤشر الوحيد و الداعم و الحاضن لهذه القنبلة الموقوتة
هدف السياسي هو الوصول الى الحكم و التشبت بالكرسي و المناصب مهما كلف الثمن و في دولة متخلفة من العالم غير المصنف تعاني الفقر و الجهل و الانقلابات العسكرية و ديمقراطية الدبابة لابد من طبقة واعية مثقفة هدفها التوعية الاجتماعية و التحسيس بمبادئ التآخي
لقد خلفت سياسة الفراغ شرخا يزداد يوما بعد اليوم لقد كنا بالامس نفتخر بالتنوع الثقافي و نأكل من نفس الاناء و نرقص في المناسبات و نتزاور في الافراح و الاتراح لكننا للاسف الشديد ظهرت حساسيات مفرطة اتجاه بعضنا البعض و اتسعت الهوة و لم يحاول اي حكم التفريق بين العلاقات الاجتماعية و القناعات السياسية لقد انتشرت بعض العبارات السوقية الغريبة و ظهرت ذئاب بشرية تحاول افتراس الحملان الوديعة
لاشك ان اي انتماء حزبي هو قناعة شخصية بغض النظر عن الاكراهات و الممارسات و اي انحراف هو مساس بالشأن العام و خرق سافر للدستور الذي هو المشرع المرجعي ان الخطابات ذات الطابع العرقي او الانتماءات على اسس جهوية بحتة هي مخالفات صريح لروح الاحزاب السياسية و انتحار للعملية الديمقراطية برمتها و على الجهات المعنية التصرف من مبدأ تحمل المسؤولية و الحفاظ على اللحمة الوطنية و السلم الاجتماعي