هذا وطننا الغالي بأرضه وسمائه وهوائه وبشره ومدره وسائر خيراته وقيمه ومقدراته يتقرر مصيره بين أيدينا، وبأيدينا، بعد عشر سمان محت جل آثار ثلاثين سنة عجفاء من التيه! فهل من سبيل إلى الإعراض أو الحياد في خضم هذا النزال المصيري أيا كانت آراؤنا ومآخذنا على هذا الطرف أو ذاك؟ كلا. إذ "لا عطر بعد عروس"؟!
{هذان خصمان اختصموا}:
الخيمة في الخيمة، والبوق جنب البوق، والصورة ملتصقة بالصورة، بعضهم من بعض، وبعضهم أولياء بعض؛ يختلط حابلهم بنابلهم، ويتكلمون لغة واحدة، ويحملون نفس الشعارات؛ منهم بشير يعدك بعيش رغد، ونذير يبكيه حر غد.. "وكل يدعي شغفا بليلى"! يصعب التمييز بين جنتهم ونارهم، وازدهارهم ودمارهم، وأخيارهم من أشرارهم! ومع ذلك، فالدفاع عن المكاسب الوطنية واجب وطني، والإدلاء بالصوت تضحية وتزكية لها ما بعدها دنيا وأخرى؟!
فأين المفر إذن؟ وكيف السبيل إلى القول الفصل يومي 1 و15 سبتمبر؟
"صاح قف واستلح على صحن جال ** سبـــخة النــيش هـل تــرى من جمال
قــف تأمــل فــأنت أبــصر مــــنــي ** هل ترى من حدوج سعـــدى التوالــي
هــل تــرى مــن جـــمائل باكــرات ** من لوى المــوج عامــدات الزفــــــــال
إن ســعداي في الحــدوج وسعـــدى ** هـي دائـــي وهــي بــرء اعتـــلالـــي"
نعم! "إن سعداي في الحدوج" ولكن.. كيف السبيل إلى الاهتداء إلى خيمتها في هذا الخضم العاتي؟ لا مفر، ولا سبيل سوى البحث والاهتداء إليها بمعالمها السنية البارزة:
- إنها خيمة العمل والأمل التي أنقذت العباد والبلاد من نير الطغيان والفساد والاستعباد فَجْرَيْ 3 و6 أغسطس سنتي 05 و08؛ وقادت مسيرة الإصلاح والتنمية، وأنجزت ما وعدت وحققت مشاريع النهضة الوطنية الكبرى في البلاد.
- خيمة سوّت بحكمة وشجاعة وصرامة ملف "الإرث الإنساني" الشائك، ورأبت صدع الوحدة الوطنية، وأعادت لحمة النسيج الاجتماعي الوطني المهيض!
- خيمة أطلقت الحريات العامة، وأعادت للديمقراطية جوهرها وألقها ومعناها، فتفتحت الأزهار، وانتشرت الأحزاب والجمعيات والأندية وغيرها تتبارى في ظل حالة مدنية صحيحة، ولجنة مستقلة للانتخابات ودستور من أرقى الدساتير وترسانة قانونية عصرية.
- خيمة غسلت عار التطبيع بطردها سفارة إسرائيل صاغرة، وأعادت للبلاد سيادتها بعد القهر، وعزتها بعد الهدر، وأمنها بعد الخوف والغدر، ويسرها بعد العسر، وبنت قوة ضاربة من أبنائنا البررة جعلتنا الحلقة القوية في المنطقة، بعد أن كنا زمنا طويلا حلقتها الضعيفة المستباحة، والجارة المريضة، و"تيم" التي صماتها قبول! وهي الخيمة التي قادت العرب والأفارقة وجمعتهم في رحابها مكرمين مبجلين!
- خيمة حاربت الفساد والكساد وصانت الشيء العمومي من الاختلاس والنهب، وعدلت بين موظفي ووكلاء الدولة، وقضت على مدن الصفيح والأحياء العشوائية ومنحت ساكنتها الأرض وشقت فيها الشوارع ووفرت الماء والكهرباء والمدارس والمستوصفات ودكاكين الأمل!
- خيمة حمت الثروات الوطنية فصانت وأصلحت الصيد الذي كان نهبا، وطورت الزراعة والتنمية الحيوانية وفجرت الينابيع والقنوات وبنت المطارات والموانئ والسدود وأطلعت شموس الكهرباء ومدت شبكات الطرق في كل حدب وصوب وشيدت المدن وأقامت المصانع حيث لم يكن يوجد أثر للحياة ولا طموح للعمران.
- خيمة الجامعات والمعاهد والمدارس العليا والمستشفيات والمستوصفات!
- خيمة "التضامن" ومفوضية الأمن الغذائي، ومفوضية حقوق الإنسان!
هل هي الخيمة المثالية؟ نعم! إنها خيمة الوطن الأفضل والأصلح والأكمل والأقدر على مواصلة المسيرة وتحقيق ما لم يتحقق بعد وهو كثير! وفي مقدمته إصلاح العدالة، وإصلاح السياسة، وإصلاح الإعلام، ومزيد من الصناعات التحويلية!
إنها الخيمة التي تضرب لها الطبول وترفع على قمتها رايات المجد... فادخلوها بسلام آمنين وارفعوا قواعدها إلى يوم الدين!