خطاب الوداع الذي ألقاه الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في قصر المؤتمرات- و الذي أعلن فيه تنازله طواعية عن منصبه خدمة للمصلحة العليا للبلاد ومستقبل شعبها -كان بحق خطابا استثنائيا في التاريخ الموريتاني المعاصر إذ انه حمل في طياته- للأمانة- لهجة مصالحة صادقة وضميرا وطنيا خالصا ودعوة رائعة للتسامح والتعالي على جراحات الماضي وحزازاته والنظر نحو المستقبل بروح يطبعها التفاؤل والأمل.
لقد كان خطاب رئيس الجمهورية السابق يفيض بالحب والحنان والتجاوز عن أخطاء الآخرين مهما كانت فداحتها ومهما كان حجمها
مرة أخرى- وكما عهدناه نحن "الذين لا تثريب علينا" والذين رأينا فيه دائما ونحن نختلف معه ونجاهر بأنه كان صنيعة للعسكر ونرى ديمقراطيته مجرد سراب بقيعة لان من وراء الستار في أيامه من العسكريين والمدنيين من افرغ تلك الديمقراطية من مضامينها وغيب رئاسة الجمهورية وأبقاها مجرد منصب فخري لا يملك صاحبه من الأمر شيئا- الرجل الوطني الصادق الزاهد الخلوق الطيب السريرة وهي صفات لم يمنعنا الخلاف معه حول إدارة بطانته لشؤون البلاد من إلصاقها به عن جدارة كلما وجدنا سبيلا إلى ذلك
لقد تابعنا خطابه وأعيننا تفيض من الدمع لما عرفنا من صدق الرجل ونبله ووطنيته حتى وان وضع فترته فى الحكم فوق شبهاتنا التي ستبقى حائمة حولها ردحا من الزمن
نعم كان خطابه مؤثرا وجياشا ودافقا بالعواطف واستحضرنا من خلاله قصة يوسف عليه السلام وإخوته" الذين نزغ الشيطان بينه معهم "وخاصة تلك المواقف النبوية الرائع ليعقوب عليه السلام والتي خلقت في النهاية إلى جانب روح العفو والمودة ونكران الذات التي تحلى بها يوسف عليه السلام جوا من الألفة والسكينة والتصالح والأريحية
إن من واجب كل الموريتانيين اليوم وبدون استثناء الوقوف احتراما لسيادة الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله الذي صرخ في وجوهنا بان "لا تثريب علينا "وأننا" نحن الطلقاء" وتحمل بشجاعة نادرة كل التنازلات المؤلمة ليعيد أمل التعايش والاستقرار لبلد كادت المطامع الضيقة والأهواء المريضة والأنفس الأمارة بالسوء أن تدمره وتقذف به نحو دروب التمزق والتشرذم والضياع
شكرا سيادة الرئيس ولتأخذ مقعدك الثابت -هذه المرة -في قلوب الموريتانيين إلى جانب رموزنا الخالدة وخاصة ذلك الجيل الموريتاني الرائع الذي تهجى ابجدية الوطنية والنضال والتضحية والقناعة في مدرسة الأب المؤسس والرمز الأستاذ المختار ولد داداه وانه لجيل رائع حقا وإننا لفخورون يا سيادة الرئيس بأنك برهنت على الأرض على طهارة ذلك الجيل وطيب أرومته
شكرا سيادة الرئيس الخالد