عن الساسة والسياسة / سيدي محمد ولد ابه

altيصاب المرء بالدوار وهو يتابع بعينيه سلسلة التحالفات السياسية الموسمية، التي تبرمها القوى السياسية مع بعضها في المناسبات الانتخابية، دون مراعاة لأبسط قواعد اللعبة السياسية.. هنا تسقط الشعارات، وتداس المبادئ بالأحذية، ويلتقي المعقول واللامعقول، في ميدان السباق يتحرك الجميع بمحرك واحد هو النفعية والوصولية وما شاكلهما معا..

أمثلة بسيطة لابد من تعدادها هنا في هذه العجالة ليتدبر من كان له قلب، ففي رئاسيات يوليو الماضي، قامت أحزاب سياسية عريقة بتغيير موقفها أكثر من مرة وفي أقل من شهر، من اليسار إلى اليمين مرورا بالوسط إن وجد، بعضها أعلن دعمه لأكثر من مرشح وخاض أكثر من حملة بشعارات متناقضة ومواقف متضادة..( حالة الصواب وحاتم).
بعض هذه القوى السياسية التي كانت متنافرة عقائديا انصهرت في بوتقة واحدة خلف يافطة واحدة دعما لمرشح واحد (التحالف واتحاد قوى التقدم مثلا) فالحزب الأخير خرج من عباءة اتحاد القوى الديمقراطية عهد جديد صيف 1998 بحجة احتضانه للناصريين (مؤسسي التحالف) "الشينفونيين المسؤولين عن التصفيات العرقية التي طالت الزنوج في سنوات 87 و89 و91" والعهدة على ذمة قادة اتحاد قوى التقدم..
فجأة تناسى الجميع خلافاتهم التي تتجذر أكثر في مرتكزاتهم الايديولوجية وذابوا معا في الجبهة أولا ودعم المرشح مسعود لاحقا، رغم أن أحدهما "شامي" إذا ما استقل، والآخر "يماني".. (مع التحفظ على هذا الاقتباس) الحديث عن المرشح مسعود يقود بالضرورة إلى الحديث عن زميله ولد داداه الذي يقول البعض إن سبب تراجع شعبيته المعلنة حسب النتائج مرده إلى جيوش المفسدين الذين توافدوا إليه بكثرة في الأيام الأخيرة، وفيهم من كان سيفا مسلطا على الرجل وأداة لخنقه سياسيا واقتصاديا، في عهد الرئيس المخلوع ولد الطائع، وقد جمع ولد داداه حوله كشكولا من المتناقضات يستحيل جمعها في سلة واحدة، وتجييشها لبرنامج سياسي واحد.
بعض السياسيين يذهب في تفسير هذه الظواهر الغريبة في عالم السياسة مذاهب شتى وطرائق قددا، دون أن يقدم مبررا مقنعا لهذا الانسلاخ الواضح من جلده، بعد خلع عباءته وتغييرها أكثر من مرة..
يقولون في أبجدياتهم السياسية إن السياسة فن الممكن، وإن ما يدرك جله لايترك كله، وإنه لاثوابت في هذا الحقل، وهذه تعاريف أقرب إلى التخاريف، فإذا لم يكن في السياسة ثوابت فلم هذا الانشغال بها، وهذا التكالب على كتابة وتوزيع البرامج، والوعود والعهود؟ وما الفرق بين السياسي والمنافق الذي يضمر ما لايظهر ويظهر ما لايضمر؟
أسئلة كثيرة تدور في أذهاننا جميعا ونحن نرى هذا الكفر البواح بالمبادئ والقيم التي يبشرنا بها الساسة صباحا قبل أن يلعنوها مساء، ويطالبوننا بالإيمان بها معهم وجه النهار، والكفر بها معهم آخره.

1. أغسطس 2009 - 19:52

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا