أسدل الستار على "النزال الانتخابي"الكبير و الطويل،الكبير بحسب مائة حزب سياسي المشاركة فيه و بمعيار صناديق الاقتراع الخمسة التى "تربط و تذهب رأس" القطا و الطويل لأن عددا كبيرا من الدوائر لم يحسم إلا باللجوء إلى شوط ثان.
و نظرا للترفيع و التوسيع الدستوري لاختصاصات المؤسسة البرلمانية المصادق عليه السنة الماضية استفتاء فإن أغلب الموريتانيين يبسطون آذانهم تحسسا لتشكلة مكتب البرلمان المقبل و ما يستتبع ذلك و يتأثر به من شكل و تشكلة الحكومة المرتقبة.
و إسهاما فى الإضاءة على المشهد البرلماني الجديد سأكتفي فى هذه الأسطر المعدودات بتبيان خمسة مميزات أحسب أنها ستساعد من يسعى إلى استشراف الشكل و التشكلة البرلمانية و الحكومية المنتظرتين:-
أولا:تطبيع المشهد البرلماني الوطني؛
لا مراء فى أن من أبرز حسنات و مميزات استحقاقات سبتمبر ما يمكن أن أسميه "تطبيع المشهد البرلماني الوطني" حيث شاركت القوى السياسية المعارضة التى قاطعت العهدة البرلمانية الماضية و مثلت بالبرلمان الجديد فأضحت الجمعية الوطنية جمعية وطنية ملء الكلمة يجلس تحت ظلها و مظلتها جميع الطيف السياسي على تفاوت ملحوظ بل صارخ أحيانا فى الأحجام و الأثقال الانتخابية؛
ثانيا:استقرار المؤسسة البرلمانية:تبشر مخرجات الانتخابات البرلمانية باستقرار المؤسسة البرلمانية ذلك أن استقرار المؤسسات البرلمانية عموما مرتبط غالبا بحصول حزب ما منفردا على أغلبية برلمانية تحصنه من ابتزاز شركائه فى الموالاة و استفزاز خلطائه فى المعارضة و خصوصا فى الدول حديثة العهد نسبيا بالممارسة الديمقراطية و التى تنتمى إليها بلادنا.
و يمثل حصول الاتحاد من أجل الجمهورية منفردا على أغلبية مطلقة (59%)بالبرلمان الجديد ضمانا لاستقرار المؤسسة البرلمانية الوطنية فلا شركاؤه بالموالاة يستطيعون ابتزازه و لا خلطاؤه بالمعارضة يقدرون على استفزازه و من المعروف أن الدول تكون مستقرة إذا كانت برلماناتها مستقرة.
ثالثا:توقع ترفيع الأداء البرلماني:من المتوقع أن يكون البرلمان الجديد الذى دلفت إليه شخصيات وازنة علميا و رصيدا نضاليا من الموالاة و المعارضة أكثر قدرة على أداء المهام البرلمانية تشريعا و رقابة مقارنة مع التشكلة البرلمانية المنتهية عهدتها.
و يفرض التطور النوعي لأفراد البرلمان الجديد أخذه فى الحسبان إبان تشكلة الحكومة المنتظرة التى يجب أن يكون غالب أفرادها على درجة من الكفاءة العلمية و المهنية السياسية لمواجهة برلمان من المتوقع أن يرتفع أداؤه تمحيصا و اقتراحا للتشريعات و تفعيلا و تكثيفا للرقابات؛
رابعا:سخونة مواضيع الجدل البرلماني:
رغم توفيق الاتحاد من أجل الجمهورية شركائه فى حصد ثلاثة أرباع المقاعد البرلمانية فإن مشاريع مجتمع و شخصيات تمثل رموز التطرّف العنصري و الشرائحي استطاعت دخول البرلمان من الباب (يعرفون أنفسهم) أو من النافذة(يدركهم الغبي و المتغابي) مما ينبئ بأن مواضيع حقوقية مفرطة الخلافية و الاستقطابية سوف تكون دائمة الحضور فى الجدل البرلماني اليومي؛
خامسا:انضمام الأحزاب ذات المقعد البرلماني الواحد إلى الكتل البرلمانية الكبرى:
من غير المستبعد أن تقرر الأحزاب السياسية موالاة و معارضة و التى لم تستطع تجاوز سقف البرلماني الواحد خلال الاستحقاقات البرلمانية الأخير ة الانصهار فى أحد الأحزاب السياسية الوازنة برلمانيا طلبا للمقروئية السياسية و حذرا من التذكير و اللفت الدائم للانتباه على وزنها الانتخابي "غير الثقيل".