خطوة نحو 2019 / أحمد ولد الشيخ

تتكرر الوضعية عند كل انتخابات. وبشكل لا يتغير، يدعى الشعب للتصويت. وينسج له الأمل في أن تحترم إرادته. وفي كل مرة، تأخذ الحملة الانتخابية مظهر الكرنفال. تعلق صور المرشحين في كل مكان. وتنتشر الرموز والشعارات الكثيرة.  وتفتح وسائل الإعلام العمومية، والنادر لا حكم له، للجميع، سواء كانوا من المعارضة أو الأغلبية؛ ويبدو كل شيء وكأنه ديمقراطية حقيقية حيث يساوي الرجل صوتا... ولكن شتان بين الوعود والواقع.

 

بالفعل، بين تلك وهذا يوجد قائد الجوقة، وهو على وجه التحديد رئيس الجمهورية الذي نصب نفسه رئيسا فعليا لحملة الحزب الحاكم. يجوب البلاد، ويعقد المهرجان تلو المهرجان، ويستقبل، ويعد، ويهدد، ويزمجر، بل يغضب بشدة أحيانا. تم استنفار الجنرالات ويجبر رجال الأعمال والمصرفيين على دفع الأموال وخوض الحملة. يخيم التصحيح الضريبي على رؤوسهم، مثل سيف ديموقليس (أتاش علبة). يجب أن يختاروا حزب القائد. يحظر الظهور في مكان آخر أو إعطاء أية أوقية لحزب آخر! يتم استدعاء الوجهاء وغيرهم من المفسدين المعاد تدويرهم للنجدة، ليدلوا الناخبين على الطريق "الصحيح". تمت شيطنة المعارضة وتعريضها للسخرية، ولا يحق لأي أحد أن يظهر لها أدنى تعاطف، إذا أراد أن يحتفظ أو يطالب بأبسط منصب صغير في دولة مافيا تصنف مواطنيها حسب انتمائهم السياسي. واستعدي الجيش، كما جرت العادة، لتقديم التعزيز. تقوم فرق كاملة، يؤطرها قادتها، بالتصويت في كل مكان تقريبا، غالبًا دون تسجيلها في اللوائح الانتخابية. سوف يرجحون الكفة لصالح مرشحي النظام. وإن ممثلي اللجنة الانتخابية، الذين يعتبرون غير طيعين لأوامر الوجهاء، يحولون بكل بساطة. أضف، إلى هذه اللوحة القاتمة، جميع أنواع الضغوط التي تمارس على كل الناخبين، وشراء الذمم، وحشو صناديق الاقتراع من قبل أشخاص عديمي الضمير؛ والتصويت المتعدد، والنقل الجماعي للناخبين للتصويت في مناطق لا علاقة لهم بها واستخدام الأموال القذرة. أنى لنا أن نتحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة، في مثل هذه الظروف؟ مثل كل تلك التي ينظمها البلد، منذ ظهور هذه الديمقراطية الزائفة التي منحها الجيش في عام 1991. لم تشذ أي منها عن القاعدة. كانت كلها استشارات انتخابية وهمية، وفخاخا للبلهاء، ومسرحيات خالية من الذوق حيث تسود فيها إعادة التدوير، وأحيانا، التعنت العلاجي، بل إن المظاهر لم تسلم، ولم يتم احترام الشكل، ولم تكن اللجنة المكلفة بتنظيمها موضع توافق إجماع وتم اختيار أعضائها وفق معايير أبوية، وتظهر الإدارة انحيازا جليا. إن النظام المبني بهذا النوع لا يمكن إلا أن يولّد التزوير وإفساد إرادة هؤلاء وأؤلئك، وشعورا عميقا بالظلم. لكن لكل مشقة عوض، فعلى الرغم من كل الوسائل المستخدمة، ارتعد الحزب القاهر الحاكم. فشلت خططه، وسقطت قلاع ظلت عصية حتى الآن،  وانتاب الخوف وجهاء كبارا حتى اللحظة الأخيرة. لقد قطعت للتو خطوة في تفكيك النظام، صغيرة سيقول البعض، ولكنها خطوة مع ذلك، يجيب الآخرون فهل سيبت عام 2019؟
 

20. سبتمبر 2018 - 16:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا