حديث الجنرال عن الفساد...ماذا يعني ؟؟؟؟ / أحمد أبو المعالي

altالمتتبع لخطاب الجنرال الأخير في ولاية إنشيري والذي لا يعدو أن يكون امتدادا طبيعيا لخطاباته المثيرة للجدل والداعية للاستغراب والتعجب منذ انقلابه على الشرعية.. يتملكه العجب وتحيط به الدهشة من كل جانب .

ففي ذلك الخطاب تحدث الجنرال بإسهاب عن "الفساد" وما جره على البلاد من ويلات.. وعن خطورة "المفسدين" على الوطن الذي تحكموا في زمامه لأكثر منذ عقود .. وهي كلمة حق أريد بها باطل ..
الحديث عن الفساد والمفسدين وعن ما جره المفسدون على البلاد من ويلات ومن نهب وسلب لثروات بلد غني يعيش أغلب مواطنيه حياة قاسية وصعبة - أمر مرغوب ومحبب للجميع ويلامس شغاف قلوب الكثير من المظلومين والمحرومين ... وهو ما حاول الجنرال العزف عليه بحثا عن الشرعية التائهة.
بيد أن حديث الجنرال عن "الفساد" في العقود الماضية والتشهير بالمفسدين وأكلة ثروات الشعب غني عن التعليق !!..فمن يستمع للجنرال وهو يشن حربا شرسة على الحقب الماضية وما انتشر فيها من نهب وسلب واختلاس للممتلكات العامة يخيل إليه أن "الخطيب" كان بمنأى عن ذلك الفساد المبين ..بل وأكثر من ذلك يخيل إليه – من دهشته- أنه كان مطاردا ومشردا يعيش مع الحفاة العراة الرافضين للظلم والفساد..أوأنه كان نزيل السجون والتشريد رفضا للفساد..وأنه لم ينغمس ولو للحظة واحدة في أتون ذلك "الفساد" 
في الوقت الذي كان فيه الثائر على الفساد" وسط الزحام" وكان يقود الحماية الخاصة لأركان الفساد وأباطرته طيلة العقود الماضية ...وحينما بلغ السيل الزبى وتحرك فرسان التغيير ذات سحر كان "الخطيب" الثائر على الفساد في طليعة المدافعين عن ( نظام الفساد) !
..فمع ما شهدته تلك لفترة من فساد لم نسمع من الجنرال حينها حديثا- ولو همسا عارضا- متذمرا من الوضعية السائدة .ولم يصرح بما يفهم منه أنه غير راض عن "الفساد" بل على العكس من ذلك كان جزءا أساسيا من النظام .بذل وقتا طويلا وجهدا مضنيا مكن من استمرار "الفساد" أكثر من عشرين سنة..وهو ما يحتم عليه الاعتذار للشعب عنها بدل التهجم عليه في هذ الظرفية الخاصة!!
وقل ذات الشيء في الفترة الانتقالية التي صرح بأنها جاءت لإنقاذ البلاد والعباد من "المفسدين" الذين يحيطون بولد الطائع إحاطة السوار الضيق بالمعصم الغض ..وقد اعترف بأنها انحرفت بعد شهور عن جادة الصواب .وأتت على الأخضر واليابس وما بينهما وما تحت الثرى...لكنه لم يعترض –حينها- على ذلك الانحراف ..ولم يقف في وجه عودة الفساد وسيطرة المفسدين..بل على العكس ظل يساير "المفسدين " ويتعايش معهم بأمان وسلام ولم يمنعه فسادهم أن يكون "جليسهم وأكيلهم وشريبهم " .. بل وأكثر من ذلك حينما تنخدق أغلب هؤلاء في وجه مرشحي التغيير آثر أن يتخلى عن "حياده" وأعلن دعمه المفتوح للمرشح سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ..ولم يتحفظ على تلك "الوجوه" المفسدة التي تتراءى من عن يمينه وعن شماله ..وكان ..ما كان
إن حديث الجنرال ل بهذه الطريقة المبسطة عن تاريخ "الفساد" في أنظمة كان أحد أساطينها يشي بتجاهله للوقائع ..أو استهانته بالمخاطبين ..أو التلاعب بأذواق وعقول المواطنين ..أوأنه سل نفسه من تلك الحقب الطويلة الكالحة كما تسل الشعرة من العجين 
ولقد أحسن أحد المتحدثين قولا - في مداخلة لم تخل من صدق ومصداقية - حينما صرح بأن المفسدين ما زالوا داخل النظام وما زالت وجوههم بادية ويجب التنبه لهم .. مما يعني أن الحديث عن الفساد والمفسدين ليس "ماضيا" وإنما حاضرا" 
وفعلا من الطرافة التراجيدية أن يتحدث "الجنرال" عن التخلص من المفسدين وبداية عهد جديد وكأنه لم يلفت ولو للحظة واحدة لمشاهدة أهم مناصريه ومؤيديه ...والأسماء معروفة... والقصص محفوظة...وإلى خطاب آخر..

24. مارس 2009 - 13:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا