المنطق الذى طبع المؤتمر الصحفي الرئاسي ما بعد اختتام اقتراع أيار ٢٠١٨ غلب عليه اتهام حزب تواصل بالتطرف و الارهاب ،من غير دليل طبعا ،ثم تبع ذلك إغلاق مؤسستين إسلاميتين كبيرتين شهيرتين ،مركز تكوين العلماء و جامعة عبد الله بن ياسين ،دون مقدمات تحقيق منصف مقنع ،يتناسب مع حجم الادعاء بأنها دولة قانون ،و الواقع أنها دولة يغلب عليها طابع حكم الفرد و عصابته، لا أقل و لا أكثر .و هو الحكم المهمين على المشهد السياسي منذو نشأة الدولة و إلى اليوم باختصار . إن حصول حزب سياسي وطني مشرع مرخص طبعا ،مثل تواصل ،على أربعة عشر نائبا برلمانيا و بعض البلديات ،ينبغى أن لا يثير كل هذا اللغط و الغضب و لا ينبغى ،بسبب الحسد ،أن يكون حاضرا أو لاحقا، سببا لافساد التجربة التعددية المورياتنية المعتلة الناقصة، و لا سببا لتقويض الاستقرار الوطني الهش ،للأسف البالغ !. الدولة بحاجة ،إن لم يكن لمراكز الاستشراف ،لمكاتب الاستشراف و التوقع المتخصصة العلمية المستقلة .فالجهد الفردي لا يكفى البتة ،فى هذا الصدد الأمني و السياسي و الاستراتيجي الحساس !. النظام "العزيزي"،مقدم راغب أو مكره على الصدام الحاد مع المعارضة الراديكالية عموما و تواصل خصوصا ،و الحصيلة المرتقبة فرض مأمورية ثالثة لصالح ولد عبد العزيز بطريقة مشينة و غير دستورية و غير أخلاقية ،بعد صدامات واسعة متفاوتة الخطورة و الوتيرة ،و بعد حل حزب تواصل و اعتقال العديد من الإسلاميين و أنصارهم ،من مختلف المستويات و تقديمهم لمحاكم إستعجالية ظالمة قطعا .و بعد تربع ولد عبد العزيز على الحكم بوقت غير طويل، لا يكاد يتجاوز الأشهر على الأرجح ،سيحصل انقلاب ،كالمعتاد، و يزيل سبب التوتر العام ،و ترسو السفينة ربما على شاطئ الاستقرار تدريجيا بإذن الله .أما مرحلة التضييق على المعارضة الراديكالية عموما و الإسلاميين بوجه خاص ،فستكون دعاية ضمنية عميقة لصالحهم ،و ربما تكون فرصة لصعود هذا الفريق ،بصورة تشاركية نموذجية واسعة لدفة الحكم ،بعد التصريح لحزب جديد محسوب على التيار الاسلامي بإذن الله .فموريتانيا ليست مصر و لا تقع على حدود الكيان الصهيوني ،و علاقاتنا الطيبة مع سائر مجتمعات و دول الخليج لا تعنى الاستنساخ و الارتهان البتة . هذه الاحتمالات وفق مفردات المشهد و بعض معطياته الدافعة للتوقع المنطقي ،يمكن تلافيها بالتعقل و التهدئة من طرف جميع الجهات المعنية .لكن الأسلوب السائد لدى رأس النظام و محرضيه السيئين الضعفاء المستوى أصلا و الإجراءات و التصريحات الصادرة حتى الآن ،لا تدل على أفق جامع سلمي ،يساعد على عبور وتجاوز هذه القنطرة الخلافية النزاعية الحرجة .اللهم سلم سلم .و لعل بعض المتربعين على الكراسى بحاجة للتنبه الكامل إلى أن الشعوب ليسوا ببساطة بعض ملك اليمين ،يتصرفون فيه كما يشاءون .فاغلاق المؤسسات التعليمية دون مبررات مقنعة مرفوض و حل الأحزاب كذلك و تعطيل التعددية مرفوض و التلاعب بالدستور مجددا مرفوض ،و المعارضة و غيرها من القوى الحية مطالبة بالرفض السلمي الحضاري الحازم ،و إلا اعتبرت مستقيلة .