منذو أمس بدأت تهب بعض بشائر الانفراج فى موضوع المؤسسات (مركز العلماء و جامعة عبد الله بن ياسين ) و تراجع نسبيا التصعيد المرتقب ضد حزب تواصل . و فى هذا السياق التقيت مع أحد الجنرالات المشتغلين بالشأن العام ،ولا أحسبه ممن يريد علوا فى الأرض و لا فسادا،و لا أزكى على الله أحدا .فكان نقاشا لا يخلو من تبادل الرأي بطريقة هادئة، لا تخلو من الاختلاف المشروع و التفاهم فى جانب ،رغبة فى التوجهات المكرسة للتهدئة ،بإذن الله . و من الجدير بالذكر ،أنى قد كتبت فى هذا الشأن ،محذرا من التصعيد ،غير المتحكم طبعا فى مآلاته ،مؤكدا على الضرورة الملحة للتهدئة . إلا أن الدوائر المعنية تتحدث بطريقتها الخاصة ،عن حصار العالم كله لحركة الاخوان المسلمين و الشكوك حول تمويل مركز تكوين العلماء و عن دور مالي لبعض دول الخليج و تركيا فى تمويل حزب تواصل ،"و مرحبا بتواصل فى الحيز الوطني ،و دون صلة بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين و دون شبهات فى التمويل الخارجي "!. و فى سياق التأمل فى مثل هذه الاعتراضات ،يحق لنا التساؤل ، ما هي الموانع القانونية و الدستورية فى موضوع الارتباط الأيديولجي ،نظريا و ماليا، ما لم يمس من الصالح العام ؟!. أما موقف الغرب من الاسلام و ما تعلق به من فكر و نشاط ، فهو غير ملزم لنا معشر المسلمين . دولا و مجتمعات و أفراد. و حصار الغرب للاخوان غير صحيح و غير دقيق على الأقل .فبريطانيا مثلا ،و ضمن سجال و بحث طويل أعقب إنقلاب السيسى على الرئيس المدني المنتخب ،محمد مرسى ، رفضت فى المحصلة نهائيا -رغم ضغوط كبيرة-حظر نشاط حركة الاخوان فى المملكة البريطانية و كذلك أمريكا .و "الاخوان المسلمون" حركة عالمية سنية وسطية ،تأسست سنة ١٩٢٩ ،فى مدينة الاسماعيلية بمصر ،على يد الشهيد حسن البنا ،و إن كان لكل عمل بشري ،إيجابيات و سلبيات .أما الطابع العام للاخوان المسلمين ،محليا و عالميا ،فقد غلبت عليه المسالمة و الوسطية و الطابع الحضاري الرفيع و الشراكة الايجابية المرنة مع الجميع .شعوبا و دولا ،و حتى مع المغاير أديلوجيا و دينيا .أما من أراد الظلم و التجنى ضد الاخوان أو أي كان "بينو إمعاه "،كما يقال فى المثل الحساني .فالظلم عاقبته وخيمة ،و العياذ بالله تعالى . أما على الصعيد المحلي ،بالنسبة لتواصل مثلا ،فقد سمعت جميل منصور ضمن لقاء مع الصحافة، قبيل الشوط الثانى من انتخابات أيار ٢٠١٨ ، مؤكدا و جازما، بأن لا صلة لحزب تواصل بالتنظيم الدولي للاخوان المسلمين ،و كذلك تؤكد جهات مطلعة ميدانيا، عدم وجود إطلاقا أي تمويل خارجي ،لصالح هذا الحزب،عكس ما يروج على نطاق واسع ،دون دليل ملموس مفحم . و الصلح خير ،و من كان بيته من زجاج ، فلا يرمين الناس بالحجارة .و لعل الأساليب المهذبة ، إداريا و حضاريا ،أجدى على الرد على بعض الاتهامات من غيرها من الطرق المرتجلة أو الناقصة الحجية. و المتهم بريئ حتى تتم إدانته .أما المحاكاة و استنساخ و تكرار التجارب الفاشلة، محليا و عربيا و خارجيا ،فذلك عين الحماقة و عمى البصيرة !.أما وجهة نظرى الخاصة ،فأتوقع التعقل و التهدئة ،خلال الساعات أو الأيام القادمة، بإذن الله . لأن الرئيس الحالي ،محمد ولد عبد العزيز ،عارف بهزات و ملفات القصر الرئاسي ،و ليس ربما على الصعيد العملي متحمسا للتوتير و الصدام، غير المحسوب و غيرالمبرر تماما .فبديل الاسلاميين المسالمين الحضاريين معروف ،مهما كانت عثراتهم . و فى المقابل ينبغى أن يتفهم الجميع ،بواقعية موزونة غير مبتذلة ،أن الحكم فى موريتانيا فى العمق ،ما زال بيد "اصنادره" ، حتى لا نتعجل التغيير فى اتجاه الفتنة ، لا قدر الله .