قراءة في التاريخ المُدرس في المدرسة الموريتانية / بويايْ سيد أحمد اعلِ

التاريخ لغة هو التعريف بالوقت واصطلاحا هو دراسة الحوادث ومحاولة سبر غورها وهو عكس التأريخ الذي يَعني التدوين ، بينما التاريخ هو قراءة فى عمق الحدث واسبابه وخلفياته وتفسيره على أسس علمية محايدة.
وهنا أشير أن التاريخ ظهر منذ أن عرفت الكرة الأرضية الكتابة وإنْ بإختلاف الأمم والحضارات
وتعتبر مادة التاريخ من المواد التى تُدرس ضمن العلوم الإنسانية فى المدارس ولو بشكل تلقيني ، ومع التقدم في الدراسة وولوج المرحلة الجامعية يصبح علما يُدرس كاختصاص مستقل له مناهجه وطُرُق دراسته وتناوله بالتحليل والتقصى والقراءة وإعادة تركيب الحدث من زوايا مختلفة.
إلا أنه من المُلاحظِ عندنا في المرحلة الإعدادية أن المناهج التاريخية لم تراعي سن الطفولة وإدراكها واستِعابها لبعض الأحداث التى تظل معقدة وغير وارد ومنطقي تدريسها في هذه المرحلة خاصة السنة الأولى إعدادية التي تُدرس التاريخ القديم لحضارات الرافدين ومصر واليونان وهو اختيار فى رأيي غير موفق ولا صائب ،إذ من الأجدى كان أن يكون المقرر عن تاريخنا الوطني كتاريخ الوجود الإثني في المجال وتتبع مساره أو تاريخ  المحظرة والمدن التاريخية ... إلخ ،حتى يكون أقرب للفهم ويكون مساهمةً منا  في ترسيخ بناء تاريخٍ وطنيٍ فى اذهان نُــشَئِــنا بدلا من إرهاق ذاكرتهم  الضعيفة — في ظل التطور المعلوماتي والتكنلوجي الذي يُشغلهم  ويُغريهم على حساب التحصيل — بتاريخ قديم غير جاذبٍ أو فاتح لشهيةِ من لم يتشبع بروح المعرفة وبَـسْط كفه إلى تاريخ غيره.
نعم قد أتفهم أن من وضعوا البرامج التاريخية وصاغوها لايريدون القفز على التسلسل التاريخي انطلاقا من ماقبل التاريخ مرورا بالتاريخ القديم والوسيط والحديث فالمعاصر احتراما لأكرونولوجيا التاريخ ولكن هذا لايبرر في رأيي تدريس الأقسام الأولى من الإعدادية تاريخ الحضارات الغربية والمشرقية بإعتباره تاريخا مُعقدا ومُمِلاً ويحتاج فتح شهية التلميذ عليه ، بينما لو ركزنا على تاريخ موريتانيا في هذه المرحلة لَكـانَ من الأنسب والأهم ونكون ساهمنا فى تسجيل ونحت تاريخنا ولو جزءا منه في ذهن تلاميذ السلك الأول آخذين بعين الاعتبار حجم التحصيل المعرفي وتسرب التلاميذ ،إذ الكثير من التلاميذ يتسرب من المدرسة دون أن يمتلك رصيدا معرفيا عن وطنه مما يجعل هامش الوطنية لديه ضعيفا ومشوشا ومترهلا فى أحايين أخرى.
لاأشك أن التاريخ هو سجل الحوادث ، ودراسته من الأهمية بمكان للوقوف على اخطاء الماضين ومعرفة بناء الدول والحضارات ولكن لابد أن نعي أن للمدرسة احكامها وللبلد متطلباته ولكل مرحلة عمرية خصوصيةٌ يجب أن لانقفز عليها .
إن  التاريخ  هو متحف الأمم والحضارات وذاكرتها  المُستنطقة ،ومن لا تاريخ له كمن يبحث عن أوراقِ ثبوتيةِ هويتهِ لقطر من اقطار العالم، كما يجب أن نعي أن من ضاق به حاضره فلينظر إلى مستقبله ولِيعتبر بماضيه ليستخلص العبر من السلف.

7. أكتوبر 2018 - 6:24

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا