قبل أن تصبح موريتانيا علبة كبريت! / محمد الأمين ولد الفاضل

المتأمل في تصرفات السلطة الحاكمة في هذه الفترة الحرجة من تاريخ البلاد، والباحث عن خيط ناظم يجمع ويفسر تلك التصرفات، لابد وأنه سيصل إلى استنتاج خطير، وهو أن هذه السلطة الحاكمة تعمل جاهدة من أن أجل أن تجعل من موريتانيا علبة كبريت قابلة للاشتعال في أي وقت.

ليس هناك ما يمكن أن نفسر به جملة من القرارات المستفزة التي اتخذتها السلطة الحاكمة في الفترة الأخيرة غير الفرضية التي تقول بأن السلطة الحاكمة تريد فعلا أن تجعل من موريتانيا علبة كبريت قابلة للاشتعال في أي لحظة.

ومن هذه القرارات المستفزة يمكننا أن نذكر:

1 ـ حرمان 1500 طالب حاصل على البكالوريا من التسجيل في الجامعة، فلماذا اتخذت السلطة الحاكمة هذا القرار الأحمق والمستفز، ولماذا تريد أن تجر الطلاب إلى مواجهة مكشوفة معها؟

2 ـ غلق مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين، وإطلاق حملة إعلامية ضد حزب تواصل، والإعلان عن شوط ثالث في بلديتي عرفات والميناء، فلماذا اتخذت السلطة الحاكمة كل هذه القرارات المستفزة دفعة واحدة، ولماذا تريد أن تجر الإسلاميين إلى مواجهة مكشوفة معها؟
3 ـ  الاستمرار في سجن النائب بيرام ولد الداه ولد أعبيد وحرمانه من حضور أول جلسة للبرلمان الجديد، والاستمرار كذلك في قمع محتجي إيرا بشكل همجي، ويكفي أن نشاهد صور يوم أمس لندرك حجم مستوى القمع الذي تمت ممارسته ضد محتجي إيرا،  فلماذا تريد السلطة أن تجر إيرا إلى مواجهة مكشوفة معها؟

في هذه الجزئية، وكاقتراح سريع، فإني أطلب من نواب المعارضة أن يشكلوا وفدا منهم، وأن يتصلوا بالصحفي صاحب الشكوى وأن يطلبوا منه أن يسحب شكواه، ويسقطوا بذلك أي حجة يمكن أن تبرر بها السلطة الحاكمة الاستمرار في سجن النائب بيرام.شيء آخر يمكنني أن أقوله هنا، وهو أن صرامة السلطة في تطبيق القانون كان الأولى بها أن تظهر في حادثة اعتداء شاب على عنصر من عناصر أمن الطرق، وهي الحادثة التي تم تصويرها وتداولها بشكل واسع.

4 ـ تجميد ممتلكات رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، الشيء الذي أدى إلى إغلاق أكبر مستشفى خيري في البلاد، وحرمان آلاف الفقراء من خدمات صحية كانوا يحصلون عليها بالمجان، فلماذا تصر السلطة الحاكمة أن تدخل في مواجهة مكشوفة مع رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو؟

لقد كان من المفترض بالسلطة الحاكمة أن تعمل على تهدئة الأوضاع في مثل هذا الظرف الحرج، ولكن على العكس من ذلك، فقد وجدناها تحاول أن تخلق أزمات مع الجهات الأكثر قدرة على تأزيم الأوضاع : الطلاب؛ الإسلاميين؛ إيرا؛ محمد ولد بوعماتو. فلماذا تصر السلطة الحاكمة على الدخول في مواجهة مكشوفة مع هؤلاء؟ ولماذا تريد أن تجعل من موريتانيا علبة كبريت قابلة للاشتعال في أي وقت.

ما يقلق في الأمر هو أن كل رجال السلطة في الفترة الحالية هم رجال يعرفون جيدا كيف يشعلون الحرائق، وليس فيهم رجل إطفاء واحد. لا رجل إطفاء واحد يوجد الآن في هرم السلطة، فالعقلية الصدامية هي التي تجمع بين رئيس البرلمان المنتخب يوم أمس، ورئيس الحزب الحاكم، والوزير الأول، ووزير الاقتصاد والمالية، ووزير التعليم العالي، وغيرهم ممن يحتل الصدارة في واجهة النظام الحاكم.  

المقلق أكثر هو أن الشخصين الأقل صدامية في نظام ولد عبد العزيز، واللذين شكلا الواجهة العسكرية والمدنية لهذا النظام كانا هما الأكثر ضعفا، فأحدهما وهو المدني قد تم التخلص منه بشكل نهائي منذ فترة، والثاني يبدو أنه في طريقه إلى ذلك.  

 

حفظ الله موريتانيا...

محمد الأمين ولد الفاضل

9. أكتوبر 2018 - 22:19

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا