حقيقة محزنة أن العلاج وأسعاره والمضاربات التي تعتريه لا تكاد تحصى، حيث لا تجد سقفا أعلى للامتيازات المادية التي تجبى من أهالي مريض يفدون حياته بجود لا يعرف النفاد.
وفي المحصلة تجد أوجه النفقات تتكاثر وتتجمع بل تتداعى في تسلسل أحكمت محطاته حتى يكاد يخيل إليك أن كل محطة تنافس لاحقتها في مستوى الصرف واستعجال النفقات.
ومن الأجدى بالأطباء وهم يلغون في اشتراكات المراجعين أن يضعوا معيارا للتحصيل بعد أن كسبوا إقبالا معتبرا وبشكل دائم تؤكده الطوابير المستمرة في العيادات، كما أن الرشاوى وأسعار التفهمات ينبغي أن تتقلص نظرا لكثرتها وتكررها بتعدد الفحوصات المقدمة للمرضى ورغبات زائريهم، وهو ما يضمن مداخيل معتبرة بشكل دائم نتيجة للحاجة إلى المرفق الصحي واستيفائه الطاقة الاستيعابية بشكل دوري.
أما أسعار الدواء وتباينها فباب آخر من أبواب هذه المضاربات، إذ لا تكاد تجد سعرا موحدا لأي دواء وأحيانا تكتشف تضاعف سعر الدواء الواحد عندما تريد اقتناءه مجددا وفي ظرف وجيز لا يفصل بينه سوى ساعات.
ورغم تعدد أوجه المضاربات ستبقى المستشفيات الصحية مهما رافقها من سياسات تحصيلية الملاذ والملجأ، فالواقع يضطر الجميع لمعايشة هذه الاستحقاقات وعدم الاكتراث بمفرداتها بل والتعالي على انعكساتها في استحضار للحظة الشفاء وبلسم العافية الذي لم يعرف له سعر مادي محدد.
وفي الأخير سيكون كل هذا التأوه من المضاربات خبرا وذكريات، إلا أن الأصعب هو تحديد هذه الأسعار الخيالية من قبل أساتذة مبرزين لا يمكن الطعن في مهنيتهم ولا خبرتهم، وسيتضاعف الأمر حينما تتأكد أن المداخيل في مجموعها تحصيل فاحش واستغلال لمعاناة المرضى كان بالإمكان تحجيمه ليكون أقل استنزافا للجيوب.