لا تبتئس أخي حنفي إن الأرض تدور / محمد عبد الله ولد لحبيب

altالمثل التي يحملها حنفي والقيم التي يحلم الفتى حنفي بسيادتها هي التي قادته إلى السجن، وهي التي يمكن أن تقوده، أو تقودني أو تقود غيرنا غدا إلى حبل مشنقة طاغية، أو لهيب نار طاغية، أو أعواد صليب طاغية.

نعم. قد تتدلى يوما قدما حنفي أو قدماي، أو قدما غيرنا، قد يترنح جسمك مودعا روحه العظيمة كأنه جسم راعي سائمة أنهكه تطلبها الكلأ وجه يومه!.  قد تنتصب خطيبا على خشبة صلب كل العظام من حولها خشع تستمع إلى ترتيلك الأبدي أنشودة الحرية!. قد تتفحم عظامك في لهيب مشعلة طاغية بعد أن تصعد روحك مع دخانها إلى سماء الأقداس!. وساعتها سترقص كلماتك الوضيئة أعراسا من الشموع دبت فيها الحياة وكتب لها الخلود. لا تبتئس. نعم قد يلتف حبل المشنقة حول جيدك، لكن بعد أن يتحسس كل طاغية عنقه السميكة، ظانا أن ألف حبل قد التف حولها من كثر ما نغصت حلمه بتحسس بطنه الملأى وهو يظن أنه يضحك على آلاف الفقراء والمحرومين. لا تبتئس. سيقدمون مبررا آخر لتأخير محاكمتك غدا. سيقولون إن شاهدا أو مدعيا، أو ربما قاضيا غاب، بسبب انتخاب طاغية أو تنصيب طاغية. سيظل هذا ديدنهم. سيؤخرونها ألف مرة ومرة. سيؤخرون ألف رجل. لن يقدموا رجلا واحدة. يوما ما سيديرون أظهرهم ويلقون إليك بأيديهم لتضع فيها الأغلال.. وسترفض. لا لأنهم لا يستحقون. لا. بل لأنك تؤمن حتى بحريتهم فيما يصنعون. ستغلهم اليوم على طريقتك وهم يظنون لفرط البلادة أنك المسجون وأنك المغلول!! وتحاكمهم غدا عندما يقررون موعد المحاكمة بأنفسهم لفرط الغباء. *** عندما تخرج سيعدون لك محاكمة أخرى وسجنا آخر. واهمون. إنهم يعدونه لأنفسهم الضعيفة المريضة بالضعف والمرض والبلادة. لا تبتئس. سيعدون لك مشنقة أخرى، حبلا آخر. نارا أخرى. خشبة صلب أخرى. محكمة أخرى. متهما آخر. شهودا آخرين. لفرط البلادة سيعيدون ذات المسرحية، بذات الأبطال، بذات المخرجين. لفرط السخافة. سنضحك وأنت معنا ملء الدنيا من فرط سخفهم. لأنهم من يترنح في حبل المشنقة، من يقذف به في النار، من يصعد خشبة الصليب. إلا أنهم يموتون، حتف أنوفهم، تخمة. ربما، أو بخعا على مائدة. لأن القدر أكرم من أن يمنحهم ميتة كريمة في سوح الوغى. ليس لهم ذلك. ليسوا أهله. ليسوا أحق به. لا تبتئس. سيقولون نحرقه، نحبسه، نشنقه، نصلبه، نضربه ضربة رجل واحد يتفرق دمه في القبائل. فليفعلوا. طبعا لست تدري لما ذا؟ أنا أخبرك، إنها أول حماقة أتطوع بها على هذا النحو البليد. سأخبر عليما. لا ضير عل بعضهم يراه، أو هو فقط معذرة إلى ربنا. إنهم يفعلون ذلك لأنك قلت إن الأرض تدور. لأنك آمنت بذلك وأردت للعالم أن يسمعه. أردت لآلاف الجياع أن يتذوقوا طعم أنشودة الخلد "لا". لمئات آلاف المقهورين أن يسمعوا من يقولها نيابة عنهم. لا تبتئس. قل إنها تدور لأنها فعلا كذلك. قل إنها تدور وليشتر كل أذيال الطغاة دورا. ليبن كل الطغاة قصورا، دولا، معامل، مصانع، مع أنهم يسكنون في العراء حقيقة. ليزور كل الطغاة انتخاباتهم، وليشاركهم الجميع، إلاك، تلك السخافة. قل إنها تدور، وستدور بهم إلى حيث أنت الآن. قل إنها تدور، وليرفع كل وكلاء الطغاة قضايا. ليصدر كل قضاة الطغاة أحكاما ظالمة. إنها فعلا تدور. *** أخي حنفي، سأختلف معك كثيرا كما كنت أختلف معك من قبل وأنت حر طليق. سأختلف معك وأعلن اختلافي عنك عندما تستعيد حريتك. أما الآن فلا. لن أختلف معك الآن لن ألومك الآن. أنت الآن أكبر من اللوم، من الاختلاف، أنت الآن أجمل من أن نلومك. أنت الآن جميل كلغتك الفاتنة التي تقض مضاجع الطغاة. أنت الآن عذب كأسلوبك الفذ، تفضح به مساوئ المتكبرين. لا تبتئس. إنها فعلا تدور. أخوان أنا وأنت. نعم. رغم الاختلاف. رغم التباين. أخوان في الإيمان بدوران الأرض. أخوان في رفض الظلم. أخوان في مقدس الكلمة. أخوان لم نلتق إلا فواقا. أخوان رغم البعاد. أخوان لأني أومن بحقك فيما تقول، وفي الدفاع عما تعتقد. أخوان لإيماني بواجب الدفاع عنك حتى تقول ما تريد. بطريقتك. لا تبتئس قل إنها تدور. لأنك تعتقد ذلك. لأن لك الحق في أنت تقول ذلك وأنت تعتقد أنه حق. قل إنها تدور لأن واجبي أن أدافع عن حقك في القول إنها تدور. ولأنها فعلا تدور. سيقولون جئت متأخرا. وأن آتي متأخرا خير من أن لا آتي أبدأ. وقد جئت. ولن أعود أدراجي. سأظل هنا إلى جنبك.

5. أغسطس 2009 - 9:42

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا