لاشك أن الانتخابات وسيلة وليست هدفا،ولاشك أيضا أن أطراف أي لُعبة سياسية_ إن جاز هذا التعبير _ إما معارضة أو موالاة وكل فريق تحت يافطة حزب سياسي أو حراك سياسي معين وقبل خوض أي معركة انتخابية يُمنح أسابيع لحملته لعرض برامجه وإقناع الناخبين بتلك البرامج ،ولذلك فبيت القصيد هنا فهو لماذا نستخدم في المناسبات الانتخابية الوسائل غير المشروعة من ضغط وظيفي وقبلي وجهوي وإمكانات لِصَدِ أو ثنيِ الناخب عن قناعاته وتوجُهه إلى حيث لايريد ، أم أن البرامج الحزبية غير مقنعة أم أنها مجرد كلمة حق أُريد من ورائها باطل أم أن الشعب لايقترع على أساس البرامج وإنما بناءا على معايير أخرى؟
إن بناء الديمقراطية التي هي جوهر الدول الحديثة والتأسيس لمجتمعٍ حرِ يعي حقوقه وواجباته ويساهم في التنمية بكل ابعادها يجب أن يتم بمنأىً عن أي ضغط من أيٍ كان وترْكِ حرية الاقتراع وِفق القوانين والضوابط المعمول بها في بيئةٍ مُتزنة تضمن التنافس بين الخصوم السياسيين بصورة شفافة دونما ترغيب أو ترهيب تلميحا أوتصريحا أو بأي شكل من اشكال الابتزاز.
يجب على النُخب السياسية والمثقفة تجاوز خلافاتها والسعي حثيثا على تعزيز ثقافة التناوب السلمي وترسيخ الوعي المدني والسياسي في اذهان الناخبين خاصة والمواطنين عامة عن طريق الحوار والفكر والقرب من المواطنين أثناء الرخاء والشدة وليس فقط في أوقات المناسبات الانتخابية وعن طريق شراء الذمم .
إن العقلية الانتخابية التقليدية التي تُركز على البعد العشائري والجهوي هي عقلية مُتَجاوزة أو هكذا يجب أن تكون في ظل التحول الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العالمي ، فعقلية شباب وشيوخ الأمس تختلف عن عقلية وثقافة أهل اليوم ولعل وسائل الإعلام الحديثة والتطور التكنلوجي والتدفق المعلوماتي كلها عوامل ساهمت في تغيير العقليات وانفتاحها على العالم الآخر والتأثر بمستوى التطور والرقي الذي وصلت إليه بعض الاقطارولذلك فمن غير المنطقي والوارد أن تُدار العقليات والأفكار الحديثة وتُواجَهُ بإدارة وعقلية إنسان الغابة والأدغال وذهنية حارس القطيع.
على السلطة السياسية أن تسعى جاهدة أن تبني نظاما مؤسساتيا وفق مفهوم سلطة الشعب وإرادته لا أن تسعى لكسر إرادة الشعب وترسيخ التبعية بمفهومها السلبي،كما يجب أن يتطلع الساسة لرفاه شعوبهم وتسير مواردهم ومراجعة العلاقة الهرمية الفوقية في بعض الأحيان بين الإدارة والمواطن حتى نصل إلى بناء جسر ثقة بين النظام والشعب لا إلى تنافر ونفور بين القمة والقاعدة.