الشوط الثالث / اسلامه ولد العابد

الكل سيتحدث عن الشوط الثالث ودلالاته ، والبعض سيستخلص منه صدق ونزاهة ساكنة منطقة عرفات ، وقليل من سيرى بعين البصيرة حقيقة نظام لا يرى وسطا في الاختلاف ولا حرمة للمخالف ، انتقل الصراع المبطن بين نظام حاكم واحزاب معارضة إلى مرحلة قد تتغير فيها اللعبة الديمقراطية من السلاسة إلى التعقيد ومن التيسير إلى التعسير ومن الروح الرياضية إلى الروح العدائية  .

الشوط الثالث دليل على أن النظام ذاهب إلى ابعد مما تراه الاعين وما تلمسه الايدي ، وما تصريحات رأسه وتلميحات مرؤوسيه من مسامعنا ببعيدة ، بدأها بالقول ان اسرائيل افضل ، وهو قول تشمئز منه النفس وتوحي لسامعيه ان الرجل قادم على تطبيع صهيوني ظهرت بوادره على من يواليهم دوليا ويناصرهم علنا ، أو أن الرجل ضاق بالقوم ذرعا فأغلق الجامعات و المراكز العلمية والمحلات التجارية التي يتهم اصحابها بأن قلوبهم تميل إليهم ولو ميلا قليلا .

بعد الشوط الثالث قد يسقط النظام سقوطا اعمق وقد توحي له نفسه باعتقالات واتهامات للقوم وإن لم يكن لها مستندا او مبررا كما فعل مع بعض مخالفيه ( ولد غده ) وشرد البعض الآخر ( ولد بوعماتو ) ،  فقد ضاق بهم ذرعا ولم يجد بعد ما يبرر التنكيل بهم ، مع علمه المسبق ان استئصال القوم صعب فقد عجز عنه من سبقه ممن حكم هذه البلاد ،   فهم نتاج مجتمع صار ينشد الاصلاح بروح صادقه ويسعى للخلاص من ربقة العبودية السياسة والاجتماعية والسادية القبلية ، فقد صار  حديث اليوم والساعة لجيل الثمانينيات والتسعينات  هو البحث عن العدالة الاجتماعية والحرية والمساواة ، عدالة : لا يظلم فيها المواطن بسبب لونه او عرقه او قبيلته ، وحرية : لا تقيد تفكيره ولسانه وقلمه ، ومساواة : امام الحقوق والواجبات دون تمييز او غبن ، فالكل صار يحلم بدولة المؤسسات لا دولة العصابات والولاءات ، وهي دولة يراها الصادقون حلما سوف يتحقق وحقيقة لا مفر من تجسيدها واقعيا .

الشوط الثالث لم يكن تواصليا محضا فقد اجتمع فيه كل اطياف المعارضة السياسة لتشكل سدا منيعا أمام الحزب الحاكم حتى لا يصل إلى مبتغاه ، وقد نجحوا في تحقيق ذلك ولو جزئيا فهل يكملون للشعب المغلوب على امره جميلهم ويتحدوا حول مرشح رئاسي واحد تتعاضد فيه جهودهم ، وتتمثل فيه صدق إرادتهم في التغيير ،  وبناء دولة قائمة على روح المواطنة ؟ ، لقد كان الشوط الثالث درسا قاسيا على النظام ودرسا للمعارضة يجب عليها أن تستخلص منه الدروس والعبر .

الشوط الثالث والثاني والأول اسقط نظرية المتجارة بالدين التي طالما رفعها النظام في وجه معارضيه ، فقد كان له الدور الابرز في ذلك ، وكان حديثه الدائم وحديث مرشحيه أنهم من أنشأ إذاعة القرآن وقناة المحظرة والمسجد الجامع الذي لم يكتمل بناؤه ولا تأسيسه حتى ، وطباعة المصحف الشريف برعاية فخامته  ، كما أن الفقيه ولد اهل داوود سابقا والوزير حاليا صال وجال في النصوص الفقهية المالكية واستخرج تالدها وطريفها  جديدها وقديمها  في أن الحاكم لا ينازع ولا يعارض في منصبه ولا مكانه الذي بوأه الله إياه وكأنه يجسد لنا محمد سعيد رسلان في مصر ، لكننا نسأل الفقيه المالكي حفظه الله  ولد اهل داوود عن رأي المالكية في الطلاق بالثلاثة دفعة واحدة  هل هو صحيح أم باطل ؟ أما الميناء فقد بان امرها والتضح جلي خبرها امساك بمعروف او تسريح بإحسان .

30. أكتوبر 2018 - 15:15

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا