سوق العاصمة.. بركان ينفجر ليشعل ثورة / بادو ولد محمد فال امصبوع

تقول كل المعطيات على الأرض أننا أمام ثورة قد تأتي على أخضر البلد ويابسه، فالهزات الإرتدادية لزلزال الربيع العربي لم تتوقف بعد، هذا إن أغفلنا أن ربيعا جديدا بدأت أولى روائحه تفوح من كل مكان، والمستهدف به هو المغرب العربي وما تبقى من الشرق الأوسط أما الواقع فهو أننا مستهدفون ممن صنعوا وخططوا لذلك الربيع العربي لأسباب يدركها الغبي.. وبالتالي فإنه يجب أن لا نصنع المبررات لثورة كهذه.. وهذا ما لم يتم التعامل معه بعقلانية في قضية سوق العاصمة..

قبل سنوات صدر تقرير من الحكومة يؤكد أن سوق العاصمة أصبح متهالكا وقد يتهاوى في أي لحظة مضيفا أن هدمه أصبح فرض عين على الحكومة حفاظا على أرواح الناس، كان التقرير صادما جدا، إلا أنه ووجه لاحقا بتقرير آخر أكثر جدية وإقناعا إذ صدر عن مختصين هم مهندسو بناء وجهة اختصاص هي وزارة الإسكان يقول مضمون التقرير إن إمكانية الترميم أولى من الهدم، فالسوق لا يحتاج أكثر من الترميم ليبقى صالحا للاستعمال، تقرير تلقفه ملاك الدكاكين في السوق معلنين استعدادهم التام لتحمل أعبائه المادية نقدا إن قبلت الحكومة بالأمر.

إن هي إلا فترة و استدعى الوزير الأول المنصرف المهندس يحي ولد حدمين ممثلين عن تجار السوق، وخلال النقاش أقنعهم أن الدولة إنما بنت السوق الجديد لتعوض به ملاك السوق القديم، قائلا بالحرف " من كان يملك دكانا أعطيناه بديلا له ومن كان يملك عشرا أعطيناه عشرا"، تقبل التجار الأمر خصوصا أنه صادر عن رئيس حكومة دولة يفترض فيه عدم التسرع والصدق، إلا أن الأمور جرت لاحقا بما لا تشتهيه سفن التجار، واتضح أن وعود الوزير الأول كانت مجرد ذر للرماد في العيون، انتظارا للحظة المواجهة بالأمر الواقع..

أصبح السوق الجديد جاهزا وبدلا من تعويض التجار بدكاكين منه تم التعامل معهم بشكل استفزازي واعتبار حقوقهم جزء من ماضي يجب أن يدفن تحت أنقاض السوق القديم بعد هدمه، حيث تمت مطالبتهم بإخلاء دكاكينهم والبحث عن ملاذ آخر بعيدا عن السوق القديم إذ لا محل لهم من الإعراب في الجديد الذي استأثر به آخرون غالبيتهم لم يكن لهم تواجد في السوق القديم، فيما اتهم بعض التجار وزيري المالية والخزينة بملكيتهم ل 12 دكانا من السوق الجديد موزعين كالتلي : 7 منهم بأسماء أقارب من وزير المالية و 5 بأسماء أقارب لوزير الخزينة، معتبرين أن سرعة التحرك لإخلاء السوق القديم ليست سوى مناورة من الوزيرين لتسريع مداخيل دكاكينهما من السوق الجديد.

ولتسريع العملية أصدر وزير الخزينة – غير ذي الإختصاص- أمرا لمدير سوملك – غير التابع له إداريا- بقطع الكهرباء عن السوق في خطوة تؤكد مدى الإحتقار لقوانين الدولة وسلم الصلاحيات فيها، إذ لا يجوز ل سوملك فصل الكهرباء عن أي دكان أو مبنى يسدد فواتيره بالتزام دون تقديم مبررات وقبلها إنذارات، قرار تم تنفيذ بعضه بسرعة قبل أن يفيق التجار ليقفوا صفا أمام عمال سوملك الذين لاذوا بالفرار لاحقا خشية من أن تطالهم أيادي التجار الغاضبين.

إجراءات أشعلت جحيما في قلوب التجار الذين يرون أنه تتم معاقبتهم بشكل واضح وصريح دون ذنب اقترفوه سوى أن أشخاصا آخرين يرغبون في الثراء السريع على حساب تفقيرهم هم، هذا الإحساس دفع بالكثيرين منهم إلى الجاهزية للخروج في مسيرات ومظاهرات بدأت بالسلمية، واليوم ظهر أن سلميتها بدأت تخبو في ظل عدم التجاوب الرسمي معها الممزوج ببراكين غضب قد تنفجر بين الفينة والأخرى، وهو ما قد يدفع بالمظاهرات إلى احتجاجات من المؤكد أنها لن تبقى سلمية لوقت طويل.. والأخطر أنه لن تمر دون استغلالها من أطراف تتصيد الفرص لإشعال ربيع عربي في موريتانيا..

وقديما قيل " قطع الأعناق.. ولا قطع الأرزاق"..

1. نوفمبر 2018 - 21:42

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا