أمريكا تحت الحذاء / حبيب الله ولد أحمد

altحادثة رشق الرئيس الأمريكي المخلوع (اقرؤوها بالحسانية إذا شئتم) بالأحذية من طرف الصحفي العراقي منتظر الزيدي تستحق كثيرا أن نتوقف عندها للتأمل في معانيها ودلالاتها وقوة رمزيتها..

تلك الحادثة أعادت إلى الأذهان حلقات مضيئة من تاريخ الرفض العربي للاستعمار والتبعية منذ شماتة أعرابي بأبرهة الأشرم وإهانته في قليسه الذي أراده محجا بديلا ومعبدا مقدسا يتدافع الناس لاستلام ركنه والبكاء عنده.. مرورا بالداي حسين ومروحته الشهيرة وليس انتهاء بغزوة انيويورك الخالدة.. حلقات مسلسلة لا تتوقف أبدا؛ فمنذ عقود أطلق عمر المختار المجاهد الليبي عبارته الذائعة الصيت وهو يسير واثق الخطى نحو المشنقة "نحن لا نستسلم. إننا نحارب لننتصر أو نموت. حاربكم هذا الجيل وستحاربكم أجيال قادمة" وبعد ذلك بعقود بهر الرئيس الشهيد صدام حسين العالم بقامته الفارعة ووجهه الصبوح وهو يتقدم بثبات لا نظير له نحو حبل المشنقة يندى لسانه بالشهادتين والهتاف بحرية فلسطين وعزة الأمة العربية.. حلقات عربية محكمة السبك والتتابع لن تكون حادثة الأحذية آخرها، فرحم الأمة سيظل به متسع لحمل وإنجاب رجال جدد بمواقف عظيمة ورائعة. وكما وضع ابن لادن ورجاله أمريكا تحت النار قبل سبع سنوات يأتي منتظر الزيدي اليوم ليضع أمريكا ورئيسها وعلمها تحت حذائه في مشهد لن ينمحي أبدا من الذاكرة..
لقد رأينا بوش وذيله نوري المالكي يحتمي بعضهما ببعض خوفا من فردة حذاء!! تساءلنا هل لهذين المسخين القدرة حتى على رؤية حبل المشنقة وهما المذعوران لحد التبول من فردة حذاء؟!
مشهد جعلنا نصرخ لا شعوريا: "هذه بتلك" فقد أراد الأمريكيون إذلالنا وضرب معنوياتنا عندما أرونا صورا للرئيس الشهيد صدام حسين في حالة يرثى لها قالوا لنا يومها إنه خارج لتوه من حفرة كان يختبئ بداخلها.. طبعا لم تنجح خطتهم ولم يخيب صدام حسين ظننا فيه خلال المحاكمة الظالمة، وانزرع في قلوبنا أكثر يوم رأيناه أسدا هصورا يتقدم نحو حبل المشنقة بعزيمة لا تلين وبتماسك غير مسبوق جعل أحد علماء النفس الفرنسيين يقول في مقابلة شهيرة: "لم أر في حياتي و لم أقرأ في تاريخ البشرية كلها عن رجل بكل هذه الصلابة! إن صدام حسين مثال فريد للرجولة الحقيقية والشخصية المتكاملة كما يجب أن تكون". وقبل هذا الفرنسي كان شاعر العراق المجيد عبد الرزاق عبد الواحد قد وصف تلك اللحظة منذ عدة سنوات في بيته الذائع الصيت الذي يخاطب فيه صدام حسين:

"قل لي -ومعذرة- من أي مبهمة
أعصابك الصم قدت أيها الرجل؟!"

أما نحن الذين لم نفقد ثقتنا بالرجال العرب العظماء ومنحنا صدام حسين بثباته وشجاعته قدرة أخرى على التحمل.. فقد رأينا بوش خائفا يرتعد مع المالكي يحاولان تفادي ضربات الحذاء الغاضب؛ كلاعبي كرة يد فاشلين يحاولان -بيأس- صد هدف محقق.
كانا مهزوزين ومرتبكين يحاول كل منهما الاحتماء بالآخر كجروين بائسين.. في مشهد سحق -إلى الأبد- "كرامة" أمريكا ومهابتها، وضربها في رئيسها الذي تحول في لحظات إلى مجرد جرذ خائف منسحق بلا ملامح وبلا قسمات حتى مع محاولته الظهور بمظهر متماسك والتهكم بالحادثة ومنفذها..
إن حادثة الحذاء ليست مجرد حدث عابر؛ إنها رسالة إلى بوش -والأمريكيين من ورائه- بأن العراق لن يكون أمريكيا، وبأن العرب لم يتعودوا -رغم كل الصعوبات- استقبال الأفاعي والحيات والكلاب الغادرة إلا بالنعال، وأنه لا ملاذ للقتلة المجرمين أبدا، وأن العرب شعب كتب الله له العزة والكبرياء والمقاومة.. كل حسب طاقته؛ فهذا يقاوم بالآربيجي والكاتيوشا، وهذا بحزام ناسف، وهذا بقلمه، وهذا بحذائه.. وهكذا!! رسالة واضحة بأن بوش ليس إلا مجرما قاتلا إن لم نتمكن من القصاص منه فلا أقل من أن نجعله تحت أحذيتنا؛ وتلك هي قمة الإهانة..
بعد أيام سيغادر بوش البيت الأبيض إلى الجحيم -غير مأسوف عليه- ملاحقا باللعنات وبالنعال؛ أما البطل منتظر الزيدي فسيكون له -وإلى الأبد- مكان دافئ في قلوب ملايين المستضعفين عبر العالم.

17. ديسمبر 2008 - 16:19

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا