بعد انتخابات لم تكن عادية؛ كثر فيها التنافس والصراع وتعددت فيها الوسائل المستخدمة لكسب أصوات الناخبين والتأثير عليهم، وبعد جولات ماراتونية أفرزت هذه الانتخابات خريطة سياسية جديدة، شكلت المنطلق الأساسي والعتبة الأولى نحو تحديد مسار المستقبل السياسي الوطني؛ لقد شكلت الدعاية السياسية للانتخابات الماضية-شكلا ومضمونا- حدثا هاما وتجليا يؤسس لما بعده، فكان اهتمام الرئيس ونشاطه الميداني ترجمة بالغة لأهمية استمرار النظام، وفي الوقت نفسه كانت تحمل رسائل ودلالات قوية على أن الحزب الحاكم بدون الرئيس لا يساوي شيء، وأن قوة التأثير بيد الرئيس وحكومته؛ التي كان لبعض أعضائها الدور الحاسم والواضح في ترجيح الكفة ميدانيا وإن كانت هناك استثناءات في نقاط محددة. بعد هذه الانتخابات الطويلة والشاقة قدمت حكومة الرئيس الثانية استقالتها وحلت محلها حكومته الثالثة؛ التي شكلت استمرارا لسابقتها-حسب أغلب المتتبعين للشأن العام- إذ لا جديد على مستوى التوجه العام فأهل الثقة مازالوا هم هم، لم يتحيدوا عن مكان الثقة ومحل الاستشارة.. أما العناصر التي لا تحظى بذات القدر والأهمية، فقد تبادلت المواقع وتناوبت على المهام؛ الجديد الأهم هو دخول أبرز رموز المؤسسة العسكرية في الحقبة القريبة الماضية إلى الحكومة كأول تولي مهام بطابع مدني؛ وهي الخطوة الأولى نحو الرئاسيات القادمة، وطبعا حسن التقدم وحسن الاختيار؛ لما يتمتع به الرجل من حكمة ورزانة مرصعة بالثقافة الواسعة والشخصية المتماسكة. لقد شكل إدخال رئيس الحزب الحاكم إلى الحكومة الحالية رسالة بالغة الدلالة والدقة مفادها الأهم؛ التأسيس الواعي لمرحلة مقبلة، أول ماتحتاجه قوة في الإبلاغ والإقناع ونجاح في إيصال الخطاب الرسمي بشكل فعال ومؤثر. إن الذين سارعوا -حقدا وكراهية- في التهجم والتحامل على أهم دعائم الهيكلة الحكومية في صورتها الحالية والماضية؛ كانوا مراهقين في الفهم والإدراك ، مشوهي التفكير ومكشوفي النيات؛ إذ لم يستوعبوا الدرس بفهم عميق، وكان إدراكهم لكنه التغيرات عقيما حتى تجلى لهم المشهد واتضح للكل أن الثقة الكبرى في محلها وستظل كما هي؛ وإن اقتضى التحيين اعتماد تموقع جديد؛ أبان عن تقارب حقيقي وتلاقي كبير بين رئيس الجمهورية السيد: محمد ولد عبد العزيز ووزيره الأول في الحكومة الماضية المهندس: يحي ولد حدمين الذي تميز عن غيره بجاهزيته التامة لتنفيذ وتطبيق قرارات وتوجهات السيد الرئيس بمنتهى التفاني والاستماتة، وانفرد بهذه الميزة عن جميع أركان النظام خاصة أولئك الذين كانوا بنطبعون بطابع التردد والتشكيك حيال فعالية ونجاعة وجدوائية تطبيق وتنفيذ تلك القرارات والتمثل بتلك التوجهات. لقد اتضح المشهد ولم يعد هناك معنى أو مسوغ لذكر أو المطالبة بمأمورية ثالثة، ولاشك أن المنادين بها لايعيرون بالا لتعهدات الرئيس ولا يتفاعلون مع التغيرات المفصلية الحاصلة في الآونة الأخيرة.. إذا هم واهمون أو يفكرون خارج الزمن الواعي؛ فالرئيس القادم تحددت ملامحة بل زادت لترسم صورته واضحة ناصعة، وأكرم بذلك كله إذا ظل كما هو منطلقا من منبعه محكما لسلوكه وطبعه. لقد بات من الواضح الجلي أن هناك شخصيات مدنية تشكل حجر الزاوية في النظام الحالي؛ ومن أهمها المهندس وزير الدولة؛ بالإضافة إلى شخصيات أخرى تتبنى نفس النهج وتسير في ذات الفلك.. كما أن هناك شخصيات عسكرية لها من المؤهلات والمميزات مايجعل إمكانية تطلعها بدور القائد الواعي المتبصر -بحكمة واقتدار- أكثر من واردة جدا جدا، ومن أهم هذه الشخصيات القائد العام المساعد "البرور" لما له من شبه وتقاطع مع صنوه القائد العام بالأمس، الوزير اليوم،*الرئيس القادم* غدا - إن شاء الله تبارك وتعالى- يمكن القول -دون مجاملة- أن القائد العام المساعد للجيوش؛ يتمتع بقوة وتماسك في الشخصية ووفرة في الثقافة والتطلع، وقد يكون هناك من يتقاطع معه في بعض الخصائص والمميزات؛ لكنه الأبرز والأظهر من ناحية التأهيل. هناك مستقبل واعد للعمل الدولي أمام الرئيس الحالي؛ الذي أسس دعائم هذا النظام وحدد مرتكزاته بقوة وأمان،فأكثر الرؤى الواعية حول مستقبله السياسي تذهب به عالميا؛ للتأثير الإيجابي في الساحة الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة أو وبعض الهيئات الدولية الأخرى؛ لفض النزاعات بين الإخوة الأشقاء العرب ونشر السلام بين شعوب العالم المتناحرة في كثير من البلدان.