التشويه الحكومي / أحمد ولد الشيخ

بعد عدة أسابيع من الانتظار، تم تشكيل حكومتنا أخيراً. مثل البلجيكيين، قبل بضع سنوات، كان بإمكاننا أن نبقى أكثر من ستة أشهر بدون حكومة، وسنكون بالتأكيد أفضل حالاً. ورد النبأ بعد يومين فقط من هزيمة عرفات، التي استنفرت معركتها الدولة وقواتها الداعمة، حيث هرع العقداء، والجنرالات، الوزراء، والأمناء العامون، والمستشارون، ورجال الأعمال في هذه المقاطعة الكبيرة من نواكشوط، لمحاولة المهمة المستحيلة المتمثلة في انتزاع هذه البلدية من المعارضة، وخاصة الحزب الإسلامي الذي يسيرها منذ عام 2006. وفي نهاية شوط ثالث غير شرعي تماما، عاد النصر، مرة أخرى، إلى أولئك الذين أحرزوه، بجدارة واستحقاق، في نهاية الشوطين السابقين، دون حشو لصناديق الاقتراع ولا تزوير. لذا كان من الضروري مواجهة أكثر الأمور إلحاحاً، لكي ينسى هذه الهزيمة النكراء المدوية. قيل ما قيل وتبعه الفعل فورا: قدم الوزير الأول استقالة حكومته. ما كان ينبغي القيام به عند نهاية الانتخابات التشريعية قد تم تأجيله عن عمد، في انتظار التوقيت "الجيد". أتي بتلك الهزيمة في عرفات الذي يراد منا أن ننسيه بسرعة لرأي عام مغرم بالإثارة. وقد نجحت المناورة. تحولت جميع الأنظار إلى الوزارة الأولى وكانت التكهنات تتدفق بشكل غزير. هل سيتم الاحتفاظ بالوزير الأول الذي يتعرض للنقد الكثير؟ يبدو أنه كان مقتنعا بذلك. ربما لا تزال لديه بعض الحسابات تتعين تسويتها. لكن تنبؤاته سرعان ما أخفقت. إن الشخص الذي كان يخشاه منه أكثر من غيره، والذي سرب عنه تقريراً في الصحافة حول تسيير شركة سنيم التي يديرها، قد تم اختياره لخلافته. إن محمد سالم ولد البشير، المعني بالأمر، يتقاسم مع سلفه شيئا واحدا مشتركا على الأقل: إنه بوق صوت سيده، فهو منفذ مخلص، عمل دومًا طبقا لتوجيهات السيد وإرادة الطائفة، سواء في الشركة الموريتانية للكهرباء أو في وزارة النفط أو في شركة سنيم التي وجدها في حالة موت سريري.

وهكذا، فقد كلف بمهمة "تشكيل" حكومة ليس فيها من الجديد سوى الاسم. حكومة أخفقت بسب عدم الكفاءة وتم تجديدها، رغم ذلك، في أغلبيتها الساحقة. تمت إقالة أربعة وزراء فقط ويتساءل المرء ما هي المعايير التي تم على أساسها الإبقاء على الآخرين. لقد فشل البعض، إن لم نقل الأغلبية، في تسيير قطاعاتهم. عاد آخرون بخفي حنين في الانتخابات الأخيرة. ولم يدفع ثمن ذلك أي من أولئك الذين سخروا جسدهم، وممتلكاتهم وأنفسهم في عرفات،. ترى هل اختفت العقوبة والمكافأة من قاموسنا؟ مفسحة المجال أمام الحقارة والتذلل، واللذين يبدو أنهما شرطان لا بد منها للبقاء في الساحة، إن لم يكن للحفاظ على الوظيفة، لأن المصطلح يبدو الآن غير مناسب تماما للمنصب الحكومي.

 

7. نوفمبر 2018 - 8:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا