ظلت المنطقة العربية بعد سقوط الدولة العثمانية (1922) منطقة نفوذ وأحتلال أجنبي كماظلت مسرحا للعديد من الأحداث التاريخية لتي شكلت ــ فيمابعد ـــ شخصيتها السياسية المزدوجة وميزت شكلها السياسي وحطمت إرادة النهوض والفاعلية لديها فيما بعد وحالت بين الشعب وتطوره السياسي الطبيعي الذي سيكون للعالم دورفي بلورته وتعديله وصياغته وتنفيذه والتأثير عليه ومحاربة التأثر به
وبما أن تطوير الأنظمة الوطنية إقتصر على تدعيم أسس بقائها دون توسيع دائرة الإستفادة منها ودون تعميم خير ها ودون ترسيخها كانظمة بشرية غير محصورة في مجموعة واحدة ولاطيف محدد بل لكل سُلامي سوي متمع بحقوقه المدنية ومحافظ على قيمنا الأخلاقية الحق في السلطة إن هو نال ثقة الشعب تلك السطة التي يجب إستمرار تحسينها مواكبة للتطور الطبيعي للبشر نحو إشاعة العدل والرخاء والأمن ،غير أن هذه الأنظمة أحدثت بسبب تقوقعها إنفصاما مع شعوبها وهو مانتج عنه إتساع الهوة بينهما مما فتح الباب على مصراعيه أمام كل أشكال التغييروولد الرغبة لدى أصحاب النفوذ ومن يدور في فلكهم في الإستئثار بالنظام أو على الأقل المساهمة المقبوضة الأجرفي تثبيته والترويج له أما الدفاع عنه فهي قناعة لم تتمكن الأنظمة من إقناع الشعوب بها وظلت أحجية يقرأها أبكم على طرشان في عتمة ليل بهيم.
إن إبتعادنا عن مرجعيتنا وتشويه تجربتنا في الحكم ورفض الأنظهة تأسيس وتشجيع فكر حرٍيبحث في تكييف المستجدات مع ثقافتنا وحضارتنا ويطورتجربتا ويذلل الصعاب ويعمق فهم الدين وينقي الشوائب ويجتهد لإيجاد الحلول لا لترسيخ الواقع وتأكيد الوضع القائم بإعتباره الوضع الميثالي ودرء تغييره أولى من تزكية الخروج عليه حتى كادت انظمة بعينها ان تفرغ الدين من محتواه وتحوله إلى نصوص جامدة لا تتماشى مع الواقع المعاش مما جعل الأمة في ذيل الترتيب على كافة الأصعدة فأصبحت محاولة التجديد إستهداف سافر لثوابة الأمة وتهديد لسكينتها وكأن ثوابة الأمة لا تقتصر علي الكتاب والسنة وأجتهاد علمائها وسكينتها تنحصر في سكينة أنظمتها أما الشعوب فطرائد يصطادها كل مفترس ٠
نجحت ألأنظمة في إبعاد الشعوب عن أي مشاركة وأستأثرت بحكمها لهم وخلقت بالتعاون مع أنظمة العالم المختلف عنا ــ عادات وتقاليد وعقيدة وأخلاق ـــ خلقت فضاء من الريبة وانعدام الثقة بين الأمة الواحدة وفسحت المجال وأغضت الطرف عن عدوماكرشرس ساع إلى الثأرمن تاريخ مواجهتنا لظلمه وجوره وتعسف أنظمته وتطويع عقيدته خدمة لملوكه ونبلائه يوم من الله علينا بآخر الرسالات السماوية فاستجارت أنظمتنا منا بأنظمة الصليب المفتون و أهانت نور الهلال وشوهت صورته التى أفزعت القياصرة والأكاسرة وحررت الشعوب وفتحت آفاق الفكر المنتج والمجدد الذي إستفادت منه الإنسانية جمعا، وهانحن اليوم تطوقنا المفاهيم الجامدة وتنكل ألأظمة بمن حاول تجاوزها من أهل الإختصاص فأستهدفت النخبة المتمردة التي من الله عليها من بيننا وأستطاعت تأسيس حركات فكرية تعبر عن خصوصيتنا وتأخذ مراجعنا وتطور الفهم وتوجه المجتمع وتحترم شخصيته وتجربته لكن هذه الحركات مالبثت أن دخلت في مواجة مفتوحة وجه فيها المتغلب كل الجهد للقضاء على المغلوب وواجهت هذه الحركات الفكرية الواقع المعاش كل بأسلوبه ومن موقعه ولكنها أهملت التأسيس لحواربيني يجمع نخبة الأمة على كلمة سواء ومنهج واحد وعرَّت ظهرها لعدو داخلي متسلط وخارجي حاقد وأهدرت طاقاتها حينما تبنت سياسة الإقصاء وطبقت نظرية العمالة والتآمر وهي الوضعية التي مهدت لبقاء أنظمة تأسست فجأة ودون وجه حق مقنع ودون التأسيس لمستبقل تُقدم فيه كل التنازلات لشركاء الوطن الواحد من أجل إستمراره آمنا مطمئنا يوزع العدل ويضمن تساوي الفرص ويعبر بحق عن إرتباط أهله به وأرتباطهم بأمتيهم فضاعت فرصة إحتضان قوانا الحية ولم تقدم أنظمة زمن التأسيس ولا التي تلتها أي رؤية فكرية تؤسس لتنمية سياسية أو إجتماعية تحافظ على لحظات الأمة المضيئة التي سبقت مراحل إستفحال الظلم وحُلكة الظلام بل واجهوا الفكر بالنار والكبت والتنكيل حتى صنعوا أعداء يمتهنون القتل والتفجير والإرهاب وعاث الكل فسادا وتدميرا وتحطيما لمقدرات الأمة ،وتمكن أعداءالأمس حلفاء اليوم من التفرج عبر النقل الحي المباشر لمأساتنا وملهاتهم وصب البوعزيزي المضطهد زيت ظلمهم له على نارٍجمع حطبها حكام لم يحسنوا القراءة ولا الكتابة وكانوا في كل خطاب يحرقون هيبتهم على الملأ فتدخلت قوى الظلام وبدأت تستنسخ نارالبوعزيزي لتشعلها فكان كل ميدان كهشيم المحتظر ودقت رائحة الدماء ناقوس الخطر فجهزت كل الأنظمة دفاعاتها المدنية والعسكرية العلنية والسرية وبدأ اللعب بالنار وبالدم وبالحقوق وفي هذه الآونة الحرجة والظرف الدقيق أصبحنا كالطائر المهيض الجناح وأصبحت بعض الأنظمة كالأسد العجوز الجريح فحيكت المؤامرات وأمعن الأخ في أكل لحم أخيه حيا وميتا وتعززت الفوضى المدمرة بفاجعة خاشقجي وانتشرت الصورة المرعبة البشعة عن أنظمتنا المفرطة في إستخدام قوتها وفوضوية تنفيذ ها ووحشيته وشب حريق هائل في مرابعنا وذاكرتنا وحتي في جدية إيماننا بالله ونحن أمة الإسلام٠
إن كان في الحريق مايمكن تداركه فعلى أنظمتنا أن تعترف بأن مشكلتنا في نظام الحكم والإستئثار به وأستعد اد سدنته لخرق سفينة الجميع لمجرد المطالبة السلمية بالتناوب عليه أحرى بالتنازل عنه وعلى الجميع أن يفتح ابواب حوار نخبوي شامل تشارك فيه كل القوى الحية لصياغة مشروع نظام سياسي شامل يرتكز على ثوابة الأمة ويستفيد من تجارب الأمم في العدل والمساوات والحكم الرشيد وتسوية الخلافات بالحوار لا بالقتل ولا بتلفيق التهم ولا بإلهاء الشعوب عن واقعها وحرمانها إمكانية تحسينه أولا وتحصينه ثانيا وإلا سيولد من رفات البوعيزي جيل يبحث عن أشلاء خاشقجي في كل قصرمنيف وفي كل ميدان وداخل كل حصن منيع٠