أين العرب من إشكالية ارتباط الأمن القومي بالتعليم العالي وبالبحث العلمي ؟ / د.سيدي المختار الطالب هامه

حضرت يوم أمس الثامن نوفمبر في مقر الغرفة التجارية محاضرة نظمتها اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم حول "التعليم العالي والبحث العلمي وارتباطهما بالأمن القومي العربي".

 

وكانت مناسبة استطاع من خلالها الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم د.اسماعيل شعيب أن يمد جسر التعاون بين أحد أهم أجهزة التنمية الاقتصادية في البلد والمؤسسات الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي، من جهة وأن يجمع مدير البحث العلمي في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم د. البدري وكوكبة من أساتذة التعليم العالي ومن مراكز البحث العلمي وممثلين سامين من قواتنا المسلحة وقوات أمننا وجمع غفير من المهتمين بالقضايا الإستراتجية للوطن العربي عموما ولبلادنا  خاصة وذلك من جهة أخرى.

أما المحاضرة فقد ألقاها أحد خيرة أساتذة القانون في جامعة نواكشوط العصرية د.محمد محمد المختار وتناول موضوعها من خلال ثلات كليات كبرى هي التعليم العالي والبحث العلمي والأمن القومي.

 

وبخصوص التعليم العالي فقد لفت انتباهي نسبية المعايير العالمية لتصنيف الجماعات وظلمها لجامعاتنا في الوطن العربي إذ أظهرت بعض التفاصيل التي أوردها المحاضر ضرورة إنشاء معايير تخص دول الجامعة العربية تأخذ بعين الاعتبار حالة البنى التحتية للتعليم العالي وخصوصية الدول بالنظر إلى باقي دول العالم.

 

وفيما يتعلق بالبحث العلمي فكان اللافت للنظر غيابه الكامل في القطاع الخاص بالنسبة لغالبية الدول العربية وضعفه في الدول الأخرى ثم ضآلة مساهمات هذا القطاع في تمويل البحث العلمي الذي تقوم به مؤسسات الدولة. وهذه الحقيقة المرة هي التي نتج عنها عدم أو قلة تحويل بعض نتائج البحث العلمي إلى مشاريع ترفع نسبة النمو الاقتصادي وتحسن من ظروف حياة المواطنين وتسهم في البناء الوطني عموما. 

 

ومما يستوجب الذكر بخصوص محور أو كلية الأمن القومي أولا التعريفات العديدة التي قدمها المحاضر ومنها ما اعتمد فيه على النص القرآني في سورة  قريا وثانيا الإبعاد المختلفة للأمن القومي ومنها ـ بالإضافة إلى إبعاد شبح الخوف عن المواطنين وطمأنة النفوس وتأمين الحوزة الترابية ـ جميع ما يتعلق بتأمين الغذاء والصحة والبيئة الصحية والماء الشروب والسكن اللائق وبالمصالح التجارية وحقوق الإنسان العالمية من حريات فردية وجماعية وحرية التعبير والتنظيم لجميع المواطنين دون تمييز..إلخ.

 

كما أثارت المحاضرة أيضا ميوعة مفهوم الأمن القومي لدى العرب حيث لم يظهر صراحة في وثائق الجامعة العربية منذ إنشائها 1945 إلا مع نهاية القرن الماضي  وكان ذلك يتم على استحياء وفي غياب إستراتجية حقيقية متكاملة وشاملة وحصل هذا كله على الرغم من التحولات التي جرت وتجري في المنطقة منذ زمن بعيد والتي نتجت عنها تحديات كبرى تواجه  بعض الدول حاليا وستواجه الأمة  العربية على المديين القريب والمتوسط بصفة لا تقبل التجاهل ولا الاعتماد على الآخرين.

 

وأخيرا نجح المحاضر في ربط الكليات الثلاث فيما بينها وفي استنتاجات نقول بأنها توجب على دولنا في المنطقة العربية:

 ـ مراجعة مناهج وطرق التعليم من الأساسي إلى العالي مع التوجه أكثر نحو التعليم الفني والتقني طبقا لحاجيات سوق العمل الوطني والقومي والعالمي؛

ـ العمل على الحد من هجرة الأدمغة وتشجيع الكفاءات المغتربة على العودة إلى أوطانها أو إلى دول المنطقة العربية عموما؛

ـ تشجيع القطاع الخاص على القيام بالبحث العلمي والتكنولوجي ضمن مؤسساته الخاصة وعلى دعمه المالي للجهات العمومية البحثية؛

ـ تبني إستراتجية حقيقية للأمن القومي أساسها استحضار الأحقاد التاريخية في المنطقة وتشخيص عميق للتحديات التي تواجهها أو يمكن أن تواجهها كل دولة على حدا والدول العربية مجتمعة ثم تحديد طرق وآليات التصدي لتلك التحديات على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

 

وأخيرا ظهرت المحاضرة وكأنها تطالب باستحضار النظرية القائلة بان البقاء للأصلح علما بأن الأصلح هنا هو من يخطط للمستقبل ويعد العدة لمواجهة أخطاره المحتملة بنفسه لا عن طريق حماية أو وصاية خارجية.

 

 

10. نوفمبر 2018 - 12:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا