يعتبر المُـــدَرِسُ فى أي مجتمع أو أي أمة هو محور العملية التربوية وأساس وركيزة التنمية البشرية بكافة ابعادها،لذلك فالرهان لم يكن على الثروات الأقتصادية بقدر ما اصبح على التعليم بإعتباره رأس مال الأمم وثروتها التى لاتنضب .
وفى ظل التحديات والتطور التكنلوجي والعلمي بات من الضروري وضع سياسة واضحة المعالم لتحديث المؤسسات وتطوير المناهج التربوية ومسايرتها للتحولات العالمية ومتطلبات سوق العمل ومن أجل تحقيق هذه الأهداف لابد من لفتتة كريمة على الــمـُدَرِّس تُراعى تكوينه تكوينا مستمرا ليكون عند حجم التحديات والمسؤليات المنوطة به وليمتلك القدرة أكثر على الإلمام والقدرة على توصيل المعلومة ومواكبة التحديث المعلوماتي على مستوى العالم فضلا عن الأخـْذِ فى الحسبان واقــعه المادي الصعب ومايمر به من مشاكل الحياة المعقدة ومعالجتها إذ لايُعقل فى القرن الواحد والعشرين – والعالم يغزو الفضاء ويشجع الابتكارات والبحث العلمي والتعلم – والمُدرس فى الجمهورية الإسلامية الموريتانية الذي يعتبر لُبُّ وجوهر نهضة البلد راتــبه لايحقق له أدنى متطلبات الحياة وهناك منهم أدنى منه شهادات يتقاضون أضعاف أضعاف راتبه الهزيل الذى بالكاد يفوق ثلاثمائة ونيف أورو euro أو فى حدود ثلاثمائة دولار أو يزيد قليلا .
ثم كيف يُعقل أن تُوقَفَ تلك العلاوات التى لاتغني من جوع عن المدرسين فى فترة العطلة الصيفية ولماذا لاتكون علاوات التعليم علاوة معتبرة تضاهي علاوات القطاعات الأخرى ولماذا وبأي حـقٍ قانوني وشرعيٍ تقدمات المدرسين متوقفة منذ سنة 2015م ؟
إن الواجب الأخلاقي والإنساني يُمـْلِى على السلطات أن تضع خطة وسياسة مُحكمة لمعالجة أقصى مايمكن معالجته من مشاكل التعليم والمعلم المادية والمعنوية ووضع المدرسين فى جوٍ يمكن أن يتبوأ المعلم فيه مكانته اللائقة بعيدا عن السياسات الارتجالية والمزايدات على واقع التعليم المترهل حيث الأقسام مكتظة والوسائل الديداكتيكية غائبة والأمن المدرسي هو الآخر فى بعض المدن مفقود.
إن من الضروري والمُلحِ الإستماع لصوت المدرس والجلوس معه لإنتشال مدرسينا وتلعيمنا من مايمر به من اختلالات ومعالجتها قبل فوات الأوان وذلك حرصا منا أن تتربع بلادنا على عرش التنمية البشرية والأقتصادية وتجد مكانتها التي ننشدها ونطمح أن تكون فيها.
إن الطريق الوحيد لمسايرة العالم المتقدم وهَجْرِ العالم المتخلف هو التعليم السليم كما أن الحقيقة التى لامزايدة ولامراء فيها والتى لايمكن أن تُحجب أيضا هي أن الإنتاج الفكري والصناعي يحتاج إلى ادمغة تفكر وأيادٍ تعمل وتبنى وثقافة مجتمعية واعية و داعمة للعمل والعلم والجد والمثابرة واحترام الوقت والنظام وطبعا لن يتحقق هذا إلا بصناعة أجيال المستقبل والأهتمام بالمعلم الذي يعتبر صمام أمان التنمية.