التوعية جزء مهم من الحل / سـيـدي عـيلال

كل القوانين الداعمة لحقوق البشر، والحامية للطبيعة بكل عناصرها ،كان من لأحرى بها أن تُسبق بحملة واسعة للتوعية ، وإعداد المستهدفين  ذهنيا للحدث المستجد، وإقناعهم به وهي عملية على الجميع أن يساهم فيها ،من علماء وسيسايين وإعلاميين ومجتمع مدني فِعْلِي ،من خلال هيأة مستقلة تُنشؤها الدولة، لغرض التوعية ،حتي تتمكن كل شرائح المجتمع، من فهم حاجة ألأجيال إلى وطن متصالح مع ذاته، وتاريخه ،راض بالحلول المقترحة ومشارك فيها ، مطبِق للقانون ،ومسؤول عن حمايته ،وأحترامه حتي ننجز معا آلية وطنية تخفف ألإرث المؤلم ،وتقترح الحلول من منطلق المصلحة العليا للوطن ،ولنتمكن من تحسين وتحصين وسائل العيش الكريم ٠

وبما أن ترسانة قوانينا ،تحتاج إلى مواكبة التطور السريع ومواجهة العقليات السلبية ،والفهم القاصر للحقوق ، وضعف تلبية الواجبات ورتابة التكيف مع الظروف الطارئة، وتقاعس الدولة الوطنية منذ التأسيس عن فرض الوطن كحاضن وحيد ،تتساوى فيه الحقوق والواجبات على جميع أفراده بقض النظر عن اللون والجنس والإمتيازات ماقبل قيام الجمهورية ،فنحن بحاجة ماسة إلى سد النقص الهائل وتصحيح النصوص الخاطئة وإكمال تلك الناقصة؛ ولمواجهة التفاوت المهين بين افراد الشعب الواحد، والتخصص المذل والمحزن لبعض فيئات المجتمع ،ومحاولة المستفيدين تثبيت وأستمرار الوضع ماقبل وبعد قيام الدولة الوطنية الحديثة  ، وعجز هذه الأخيرة عن مواجهة اصحاب الإمتيازات ؛لذالك ظلت النُّخب الوطنية تفتقر إلى أتخاذ قرارات حاسمة ،وسنّ قوانين رادعة نافذة ،إلى أن وصل بنا الحال إلى المشهد الدرامي الصادم والمتناقض،  والمعيق لإنسجام المجتمع والمانع دفع عجلة التنمية لخلق جيل وطني متخلص من عُقد وظلم الماضي وهو الجيل الذي تأخركثيرا ــ أو أخرــ  بفعل مواجهة أصحاب النفوذ لقيام دولة وطنية عصرية تحتضن كل أبنائها ، وتضمد جراح التاريخ وتعوض غبن ألأخ لأخيه وتحمي الطبيعة وعناصرها من التدمير الهائل ؛بروح وطنية تسموا على التقصير والتخوين ،وتتحدث بلغة الواقع وتقدم الحلول تقديم العارف الصادق القوي ألأمين ٠

ولمحاولة تكثيف الجهود بعد الإجراءات ألأخيرة فإن الدولة اليوم ــ رغم الجهود الجبارة في مجال المصالحة وتصحيح التأسيس ــ مطالبة بالتركيز على توعية الأهالى في الأرياف وفي المدن بحسن القصد وشموليته وحسن نيته وضرورته حتي تنتظم عربات قطار الوطن على سكته ،فإعتماد التوعية قبل تطبيق القوانين أقل تكلفة من سن قوانين غير نافذة ستواجهها بعض القوى لدواعي سياسية أو نفعية ،كما أن إعتماد إستراتيجية تشاركية تتطلب توظيف توعية المجتمع على أسباب تخلفه وضعفه حتى يتغلب على تحديات الحياة ومعوقات إشاعة العدل وتساوي فرص الإستفادة من التنمية وتأمين الجبهة الداخلية في وجه الإختلالات الأمنية الخارجية المحدقة والإصطفاف الداخلي الخطير  ؛وفي ظل توعية دائمة متواصلة غير مسيسة نيسر تكلفة تطبيق قوانيننا المتعلقة بتصحيح الأخطاء وتمكين الجميع من الولوج المشرِّف للمشاركة وصياغة القرار والإستفادة من دفئ حضن الوطن وخيره وهي الحقوق التي بدأت إرادتنا تستجيب لها بلغة أظن أن الجميع يفهمها جيدا، مهما كان مسوغها أو صانعا ،فحاجتنا الماسة إليها أهم من تحديد مصدرها ،رغم أهمية إحترام جهد الجميع ، لأن ألإعتراف بجهد الخير دليل على أحترام الذات وأعتراف للآخر بحقوق ملكيته الفكرية والفعلية لمساهمته في التاريخ الوطني ،وفي حلقة مفصلية من حلقات إقامة الدولة الوطنية الحديثة ،على ثالوث المبدإ لا الشعار ــ شرف ـ إخاء ــ عدل ـــ بعد أن إستطعنا الصمود المكلف في حضن المشروع ونحن نهين شعار الجمهورية ونسخر من مؤسساتها ونسخرها لإشباع غريزة التملك وتكديس الثروة وتشجيع الإحتيال حتي أصبح  ما كان سببا في قتل النفس لا يرقى إلى مجرد الخجل منه ٠

إن إعداد الإنسان وتمكينه من الإنسجام مع النقلة التي حصلت في الحيز المكاني ،لمجموعات بشرية أنهكها الصراع العبثي من أجل البقاء ،وغذته حيل مستعمر ينفذ سياسة فرق ـتسد ضد مجتمع تقليدي يعطل أكثر من نصفه في تخصصات ومهن تجذر إختلافه وتزيد من أحقاده وتوثق فصول ظلم الإنسان لأخيه وتصادر جهد الضعيف وتُقصي وجوده وتقتل جذوة المشاركة لديه تطلبت لملمته وتقاربه زهاء نصف قرن من عمر دولته فحاجة مجتمع كهذ للتوعية المستمرة كبيرة جدا كان من الأجدى أن تخصص لها وزارة أو على الأقل هيأة وطنية مستقلة ، فالتوعية جزء مهم من الحل وقناة مباشرة مع الشعب 

19. نوفمبر 2018 - 9:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا