الشهيد: أج ولد عابدين.. علو في الحياة وفي الممات / سيدأعمر بن شيخنا

altالشهيد أج ولدعابدين من مواليد 1969م في ضواحي مقطع الحجار التي أتم فيها دراسته الإعدادية والثانوية وأكمل دراسته الجامعية في انواكشوط حيث تخرج من قسم الجغرافيا بكلية الآداب عام 1993م وهو نفس العام الذي ألتحق فيه بالجيش الوطني الذي أرتقى فيه من ملازم إلى نقيب ، عرف الشهيد في وسطه الاجتماعي والمهني بخلق دمث، وتدين عميق ، وحب للآخرين .

لقد وفق الله الشهيد أج في فترته القصيرة نسبيا في الجيش الوطني أن يجعل في حقيبة التاريخ عملين كبيرين في خدمة الشعب الموريتاني يندر أن يوفق العسكريون في الجمع بينهما وهما نبل الدفاع عن حرية الشعب في مواجهة أنظمة الاستبداد، وشرف الدفاع عن حرمة الوطن في مواجهة المعتدين الصائلين ،
ففي الجبهة الأولى كان الفقيد في طليعة الضباط المشاركين في انقلاب الثامن من يونيو 2003م وهو الإنقلاب الذي مثل علامة فارقة في التاريخ السياسي لموريتانيا المعاصرة ، فقد وثب أج ولد عابدين - مضحيا بروحه ومستقبله – رفقه زملاءه لوضع حد لنظام فاسد ومطبع كان سقوطه مطلبا لكل الوطنيين الأحرار ،وهو بذلك يؤكد على معنى مهم للغاية مفاده أن الجيوش ينبغي أن يكون ولائها أولا للشعوب وللأوطان وليس لحماية كراسي وعروش الظالمين ، وقد دفع الشهيد ثمنا لموقفه هذا فأعتقل 18 شهرا وتعرض لصنوف التعذيب والتنكيل التي تلقاها بصبر وجلد ، وكانت قمة البلاء في فترة أعتقاله تلك يوم وصل إليه خبر وفاة أمه السيدة لالة بنت زين العابدين ليلة الثامن من نوفمبر 2003م عندما علمت بنبأ فوز ولد الطايع في الإنتخابات الرئاسية فقد كانت الأم المسكينة المصابة بالضغط تعلق الأمل على سقوط ولد الطايع ليسلم لها إبنها الغالي وقد تلقى تلك المصيبة بصبر واحتساب 
أما العمل الثاني الهام الذي من الله به على الشهيد أج ولد عابدين ورفاقه فهو الموت في شهر رمضان المبارك على ثغرمن ثغور المسلمين في مواجهة عصابات الجريمة والقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر ليحمي بني وطنه من كيد الكائدين وغدرالغادرين رغم غياب التسليح الجيد وسوء القيادة والتخطيط في الجيش الذي ينتمي إليه ،والمشغول بتكديس السلاح في انواكشوط لحماية السلطة تاركا البلد مكشوف الظهر في صحراء تعج بعصابات الإرهاب ومرتزقة المخابرات الدولية وشبكات مافيا المخدرات،
إن الشيئ الذي لم يعرفه الكثيرون حتى الآن ولكنه بات ثابتا عند المصالح المختصة في الجيش أن الشهداء قاوموا ببسالة وأتخذوا مواقع قتالية على أرض الميدان وأن إطارات الرصاص الفارغة كانت متناثرة بينهم ،وأنهم ماتوا بنيران عدوهم ولم يستسلموا ،أما أن يذبحوا بعد ذلك أو يمثل بهم فلايهم وهل يضر الشاة السلخ بعد ذبحها كما قالت أسماء بنت أبي بكر لأبنها المقتول ظلما عبدالله ابن الزبير أو لم يكن القائد الكبير عبدالرحمن الخافقي قائد معركة بلاط الشهداء يقول اللهم أحشرني من بطون السباع وحواصل الطير
لقد صدق في الشهيد اج و إخوانه قول أم معدن الأنصارية : 
رعوا من المجد أكنافا إلى أمد *** حتى إذا كملت أظماؤهم وردوا
كانت لهم همم فرقن بينهم *** إذ القعاديد عن أمثالها قعدوا 
بذل الجميل وتفريج الجليل وإعـ *** طاء الجزيل الذي لم يعطه أحد 

إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولانقول إلا مايرضي ربنا وإنابفراقكم لمحزونون 

( وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورا ) 

24. سبتمبر 2008 - 17:06

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا