انطلقت النسخة الثانية من مهرجان مدينة وولاته التاريخية، وهي الثامنة من سلسلة مهرجانات المدن القديمة؛ وبهذه المناسبة نقدم أحر التهاني والتبريكات لساكنة مدينة ولاته وما حولها، من مختلف الأصول والسلالات والأعراق؛ كما نثمن عاليا، مع العرفان والتبجيل، ما تختص به قلعة الحضارة تلك، من مجد أثيل، وتراث أصيل، محفورين بعمق في ذاكرة وطن اتسع عبر تاريخه العبق-وما زال -لكل الأعراق واللغات والثقافات:
مدينة ولاته التاريخية العريقة؛ وما أدراك ما ولاته!؟
◄بيرو.. هي كانت اسمها الأول، يوم هبطها آباء الـ "سوننكى" أيام مجد غانا، فاتخذوا من موقعها المميز (أوديتها وهضابها وبطحائها ومياهها)، مصائد للطرائد، ثم سكنا ومستقرا دائما؛
◄إيولاتن.. ذلك كان اسمها يوم زارها الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة، في رحلته الطويلة، حيث سجل وصفا مجملا للقرية، وخليط ساكنتها، وبعض طباعهم وعاداتهم المميزة؛
◄ولاته.. كذلك بات اسمها عند ما أضحت إحدى حواضر بلاد التكرور، ومنطلق بواكير النهضة العلمية والثقافية فيها، ومهاجَر الشرفاء والعلماء والصلحاء، ومضارب الأمراء والخفراء، ومنطلقا لقوافل الحج، ومحطة إجبارية لقوافل الميرة؛
مهرجان المدن القديمة وما أدراك ما هو!؟ عند انطلاق مهرجان المدن القديمة الأربع التي مثلت، طوال العقود، مدافن لحضارة شعبنا التي تراكمت عبر القرون، على أيدي السلالات والعناصر والديانات والأعراق والثقافات المختلفة، فكان لكل منها نصيب في فضل عمارة هذا الركن القصي من أرض الله، عند انطلاقها إذن، داعبت النفوس آمال عراض علقتها على الفكرة الرائدة، والمشروع الواعد، وعم تثمينهما، وتم تقديم الشكر والولاء للرئيس بسببهما؛ ثم انتظرنا.. وطال الانتظار، ودار الزمن دورته، وافتتح المهرجان الثامن من السلسة، فاكتمل عمر المهرجان ثمان سنين عددا...
ومن المؤسف، أن يتفق الجميع اليوم على أن الفكرة الرائدة الحالمة، والمشروع الواعد، قد تم إفراغهما من مضمونهما المفترض، حيث حولتهما بطانة السوء، من حول الرئيس، إلى مجرد كرنفالات مكرورة وممجوجة، وموسم للعطل المعوضة، والتخلف عن العمل بذرائع مفتعلة، وفرصة للتكسب من وراء الإعداد والتنفيذ، من خلال اختلاق الموردين، وتضخيم الميزانيات والفواتير، والاستيلاء على مقدرات الدولة من سيارات وخلافها بذرائع لا تحصى...
إن المدن القديمة الأربع، وهي بالمناسبة، تراث إنساني ترعاه اليونسكو، تواصل نومها وأنينها وحنينها، ولا من مجيب، وقد حبطت آمالها في أي تحسن لواقعها المأساوي، من خلال هذه الكرنيفالات، التي تضيء قاعات المهرجان، وتصم الآذان، حتى إذا انفض جمع الوافدين من قصور تفرغ زينة، وأطفئت الأنوار، وقوضت معالم الزينة المفتعلة، عادت المدينة وأهلها إلى عصر الكهف ونومة اهل الكهف.