《أثر المعركة الفكرية في تغيير الفكر والمعتقد》
إن المُتأمل في الكثير من الإنحرافات الفكرية
في هذا الزمان فسيجد أنها عائدة إلى عاملين:
١- هيمنة النموذج الثقافي الأجنبي
٢- مع ضعف التسليم والانقياد لله ورسوله ﷺ
وما من شكٍّ أن للقيم الثقافية الأجنبية المهيمنة
تأثيرا بليغا في توجيه الفكر ، وتشكيل التصورات،
وهو معنى ما قاله ابن خلدون:
(المغلوب مولع بتقليد الغالب) ،
فلفكر بطبيعته يبني لكنه أيضا يهدم وهو أهم
من الماء والهواء، وأخطر على المجتمعات
من الأوبئة والكوارث الطبيعية، ومن الجيوش الغازية.
إن فكرة واحدة قد تحيي أمة.. كما أن فكرة ثانية تحطمها، فبالفكر ترقى الأمم، وليس بالتقدم العلمي وحده، فهو نتيجة له، وما بُعثَ الأنبياء والرسل إلا بالفكر وهو عملهم ورسالتهم الأساسية، فلا يغرنك الإنبهار بمنتجات الأمم المتقدمة، فهي حصيلة نهضتهم الفكرية.
ولن تتحقق للمسلمين نهضة إلا إذا انسجمت عقيدة
"لا إله إلا الله محمد رسول الله"
مع النظام الفكري المنبثق من هذه العقيدة.
ولم تشن الأمم الغربية حملتها الشعواء الشرسة التي ركبوا لها كل صعب وذلول، إلا لإدراكهم التام بأن حرب الأفكار أنجع وأفتك بالمجتمعات الإسلامية من أي حرب أخرى .
ففي دراسة حديثة نشرها مركز راند Rand للدراسات والبحوث الإستراتيجية قالت "شاريل بيرنارد" - زوج السفير السابق للولايات المتحدة بالعراق - مانصه :
"لا يمكن تغريب المجتمع الإسلامي باسم النصرانية ولا اليهودية لأن المجتمع مُحافظ ولن يقبل ذلك، {......}, لكن يمكن تغريبه فكريا حتى يصبح مجتمعا مرنا قابلا للأفكار المدنية"
قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ.
والكثير من القرائن والإشارات تدلُّ على أن ما يعد للأمة من فساد فكري وديني عظيم جدا .
وهذا الأمر يستوجب علينا جميعا أن نحرص حرصا شديدا على تحصيل كل ما يؤهلنا لأن نتصدى للفساد المخطط له خدمة لدين الله تعالى ثم لأنفسنا ومجتمعنا .
إن الحروب التي ستشن والثغور التي ستفتح كبيرة وعظيمة ، وليس للأمة ولا لدين الإسلام -بعد الله - إلا شباب المسلمين , فلا بد أن يستعدوا من الآن ليمتلكوا العدة التي تناسب الحرب الفكرية والدينية القادمة .
ومن أهم معالم الاستعداد :
التعمق في العلم الشرعي وضبط الأصول وإتقان مسالك الحِجاج والجدل، مع عدة إيمانية كبيرة ، وترسانة فكرية وعقدية ضخمة، ووعي واسع بمجريات الواقع، وتحصيل ذلك يحتاج إلى وقت واسع وجهد كبير،
ونحن أهل ملة إبراهيم آتانا الله تفضلا منه
حجة في القول.
{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ
نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}•
وإذا لم يكن من الحرب بدٌّ*فمن الحزم أن نعد العتادا.
إن المهمة ليست سهلة والخطب جلل , وإنما هي في غاية الصعوبة والتعقيد , وهذا قدر الله علينا نحن شباب هذا العصر , فلا بد أن نعطي الأمر حقه من الاهتمام والجد.
وكما كان كفار قريش يستفتون النصارى واليهود و يطلبون منهم الاعتراضات والشبهات التي تُمكنهم من محاجة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ؛ فاليوم أيضا يستعين العلمانيون والحداثيون بالمستشرقين و يبحثون في فكر الغربيين عموما و نظرياتهم لطرح الشبهات والاعتراضات ضد فاعلية الفكر الإسلامي في خط التاريخ !!!
تشابهت قلوبهم.
صدق الله وكذب المُمَوّهون:
{وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى}•
{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}•
فالله الله في الإسلام يا شباب الأمة لا يُخلص إلى الإسلام من ثغراتكم وفيكم عينٌ تطرُف ،
فاشهروا صوارم التوحيد ؛
والبَسوا سابغات العقيدة تأهبا لخوض