رمضان وشياطين الانقلاب / محمد سالم ولد محمدو

altإذا صح ما أشيع خلال الأيام الماضية من أن الجماهيرية الليبية قد اعتذرت عن استقبال أي موفد موريتاني خلال شهر الصيام المعظم، فذلك دليل واضح على أن تلك الدولة العظيمة أصبحت تصنف محامي الانقلاب والمدافعين عنه ضمن القائمة التي يفترض أنه يجب تصفيدها خلال الموسم الرباني.

 حتى تزكو النفوس وتجد من روح رمضان ما تتزود به للزمن الآتي، أو تجلو به من درن القلوب وغشاوات البصائر ما ينير السبيل ويوقف الإنسان إلى التعامل الأمثل مع الأوضاع والمستجدات ومع ما ينشأ من حوادث أهل "آخر الزمان" فإنهم قوم تتسارع فيهم الفتن ويكثر فيهم الهرج والمرج والانقلاب والانفلات والانتقال والانتخاب.
هذا الموقف –إن صح– يدل على أن القوم الذين سبقوا العالم الإسلامي برمضانهم يريدون أن يصوموا الشهر المعظم وأن يقوموه وأن يمحضوا أعمالهم لما خلقوا له من الاشتغال بما يعنيهم من أمر معاشهم ومعادهم عما لايعنيهم من مشكلات العالم الثالث.
*****
رمضاننا الجديد الذي سيكون قطعا موسما من مواسم الخير والبذل والروضة الرمضانية ومسابقة الصيام سيكون أيضا موسما آخرا من مواسم النفاق والتزلف ومحطة ينفق فيها باعة المساندة "وتيفاية" الدعم مما ادخروه من بضاعتهم المنتهية الصلاحية الضارة بالصحة والتعليم والسلم والأمن المجتمعي، وستجد التلفزة والإذاعة فرصة لتوسيع دائرة التطبيل للفريق الانقلابي من خلال الاستعانة بالعلماء والشعراء والطبالين والوصلات الموسيقية وحتى الأدعية والأذكار، كل ذلك سيندرج قطعا ضمن مسار البوصلة الجديدة التي تجعل من الإنصاف أن لا نلوم من يحشو أذنيه حتى لا يسمع هذيان الإعلام الرسمي وزيفه وتساقط طرحه وأطروحاته، أو من يعمد إلى مذياعه فيخلصه من الموصل الكهربائي أو من بطارياته عندما تبدأ الإذاعة في التصفيق والتهليل والتسبيح بحمد نظام فاقد لشرعية البدء والاستمرار.

من نعم الله الجليلة التي من بها على المسلمين خلال هذا الشهر تصفيد مردة الجان بالسلاسل الثقيلة والحبال المغلظة حتى يستطيع البشر الخلوص من وساوسهم وإغراءاتهم التي تدفع الناس إلى مغامرات غير محسوبة قد تعرض أمن الدول والشعوب للخطر، فتلك نعمة يجب إعلان شكرها، لكن ما يميز رمضان هذا العام، أن كثيرا من المصفقين والمزغردين- إذا جاز التعبير – قد أطلقوا من عقلهم بعد سنة فهم الآن يملأون الأرض أهازيجا ورقصا وتسبيحا بحمد الفريق الانقلابي، وهو ذات الفعل الذي سيقومون به بعد رحيل هذا المجلس، لأنهم -على حد تعبير محمد فال ولد سيدي ميله- "مصفقون بطبيعتهم، أنانيون بطبيعتهم، منافقون بطبيعتهم" وهم بطبيعتهم مستعدون للتصفيق وإعادة التصفيق.

وأمام حدة التصفيق والزغاريد وبالونات النفاق وأضوائه اللامعة يمكن القول بكل بساطة إن أعضاء جوقة المديح يختبرون قدرتهم على التصفيق والتهليل بعد أكثر من سنة وخمسة أشهر على التقاعد القسري عن مهنة عشقوها وربما عشقتهم وأبدعوا في آلياتها ووسائلها أيما إبداع:

أتته "الصفاقة" منقادة 
إليه تجرر أذيالـــــــــها 
فلم تكن تصلح إلا لـــه 
ولم يك يصلح إلا لهـــا 

في رمضاننا الجديد سيجلس فقهاء نعرف منهم الوجه والعينانا، سيتحدث أمثلهم طريقة عن "الأدلة الشرعية لدعم الحركة التصحيحية" وسيلوي عنق مالك ويضرب أخماس خليل بأسداسه، سيزهق روح الماوردي، لكي يحكموا أن "الحركة التصحيحية" هي أم الباب في وجوب الطاعة ولزوم المحجة، وسيأتي شاعر من نوع الولوال الذي كان يبيع قصيدة بوجبة لينظم في مديح الحاكمين الجدد أروع قصائد الغزل والحلول. ستتناغم الجوقة ويقوم مصفقة اليوم بكل الأدوار المفترضة لتدعيم أركان نظام يرفضه الداخل والخارج وتحاصره الأزمات من كل حدب وصوب. أملنا إذا ما أهل رمضان وصفدت الشياطين وعاد كل إلى رشده وعاد إليه حلمه أن يصدر القادة العسكريون فرمانيين سلطانيين الأول بتصفيد منافقي الإذاعة والتلفزة والثاني بعد الرحيل والتراجع عن انقلابهم المزري بالاعتذار للشعب الموريتاني عن فعلتهم الشوهاء التي عرضت مصالح الشعب وأمنه لخطر داهم... فهل سيتم تصفيد كل الشياطين؟

1. سبتمبر 2008 - 20:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا