نَقِّلْ فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِن الهَوى *** مالحُبُّ إلاّ للحَبيبِ الأوَّلِ
وأنا حبي الأول والأخير لبلاد الحرمين الشريفين .. ولا أخال أي إنسان مؤمن وعقلاني إلا ويكن حبا ووفاء وحنينا لهذه الأرض المباركة التي تهوى إليها أفئدة الناس من كل حدب وصوب .. فهي أرض حباها الله بهدي الأنبياء وبخلاصة رسالات السماء إلى كافة الناس في كل زمان وفي كل مكان .. أرض محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام خاتم النبيين وإمام المرسلين .. مهبط الوحي .. وموطن الكعبة الطاهرة والروضة المشرفة .. أرض حباها الله بدعوات الأنبياء وابتهالات الصالحين وجعلها رباطا مقدسا للإسلام والمسلمين إلي يوم الدين .. وقيض لها حكاما عظاما كراما غايتهم خدمة الحرمين الشريفين والسهر على راحة الحجيج والوافدين من شتى بقاع العالم .. أرض المملكة العربية السعودية الدولة المفعمة بالرمزية التي تجسد ماضي الأمة الإسلامية وحاضرها ومستقبلها وترمز في أذهان المسلمين لما هو أعمق لتواصل الحياة الدينا بالآخرة.
السعودية بالإضافة إلى رمزيتها ومكانتها السامقة وثرواتها الطبيعية الهائلة أرض منحها الله ثروة بشرية مميزة وقيادة راشدة راجحة العقل واضحة الرؤى بوأت المملكة صدارة ركب الأمم المبحرة قدما في أشرعة التقدم والنماء بثبات واطمئنان، فهذه الدولة السعودية تأسست على الوسطية والعدل والمحبة ووفق ملوكها العظام من الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان وفقت في انتهاج محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
اليوم تصل المملكة العربية السعودية وصل رحم حقائقها العميقة بتدبر محكم للحاضر واستشراف معقلن للمستقبل وهي تتصدى بحزم وعزم وإرادة لا تلين لموجات الشعوبية المتجددة التي تتسلل عبر ثغور الطائفية وتتحول إلى نزعات إرهابية مأزومة تتصدى لها الممكلة في معركة بين الحق والباطل تدور رحاها على أكثر من صعيد بصفتها قائدة لتيار الوسطية والاعتدال، تيار الدفاع عن مقدرات الامة الروحية والاستراتيجية.
إلى جانب هذه الملاحم تشهد الممكلة ثورة عقلانية حداثية داخلية هائلة لإرساء نهضتها على أسس جديدة تلخص ملامحها الكبرى الرؤية الطموحة للسعودية 2030.
رؤية السعودية 2030 .. خطة طموحة لتدبير ما بعد النفط
رؤية السعودية 2030 هي خطة رائدة لوطن طموح ينعم باقتصاد مزدهر يسيره مجتمع حيوي تسوسه قيادة رشيدة تتمتع برؤية ثاقبة تنزلت في مشروع حداثي رائد يجسد ملامح الممكلة العربية السعودية الجديدة. ومن أبرز ملامح رؤية الممكلة 2030:
1 – انشاء أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم بحوالي تريليوني دولار يوجه للإستثمار في الداخل والخارج ينعش الاقتصاد، يخلق فرص عمل جديدة ويعزز التعاون والتفاعل المتبادل مع اقتصاديات عالم يشهد عولمة اقتصادية جانحة.
2 – خصخصة ديناميكية تبدأ بأهم شركات الدولة وعلى رأسها شركة Aramco وتحويل هذه الشركات الخصوصية إلى اقطاب وتكتلات صناعية يتوقع أن يتكفل القطاع الخاص منها بثلثي النشاط الاقتصادي بحلول عام 2030.
3 – تطوير اقطاب صناعية جديدة ترفع القيمة المضافة وتوطن تقانة الصناعة المتقدمة من خلال تشجيع البحث والابتكار وخلق آليات التنافس ودخول الأسواق الجديدة.
4 – توفير المزيد من الوظائف والقضاء على البطالة وفتح مجالات العمل أمام كل الفئات النشطة في المجتمع لتحفيز مساهماتها في البناء الوطني.
5 – تحسين خدمات ضيوف الرحمن وتطوير السياحة الدينية فالهدف هو زيادة عدد الحجاج إلى 30 مليون حاج سنويا بحلول العام 2030.
تسعى رؤية السعودية 2030 إلى تحقيق التميز في الأداء الحكومي وإلى تعزيز التنمية المجتمعية وتطوير السياحة والارتقاء بالخدمات الصحية وتنمية القطاع الخاص وتحسين مستويات المعيشة وتحقيق إطار حياة أفضل للسعوديين والمقيمين.
لم تنطلق رؤية 2030 من فراغ فقد واكبها تطوير لنظام الشوري ولبسط الحريات العامة والخاصة ولصيانة كل ما يجسد الكرامة الإنسانية.
البعد الديبلوماسي لرؤية السعودية 2030
لرؤية الممكلة العربية السعودية 2030 بعد ديبلوماسي فمحورية الممكلة في العلاقات الدولية تملي تفعيل علاقات تعاون وتكامل على كافة الدوائر العربية والإسلامية والدولية، وتندرج زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهندس رؤية الممكلة 2030 لموريتانيا في هذا السياق، فشنقيط الأمس موريتانيا اليوم ارتبطت مع المملكة بعلاقات روحية أزلية اجتماعية وسياسية واقتصادية عمل الجانبان باستمرار على توطيدها في شتى المجالات، وكما تعول السعودية على وسطية موريتانيا ورمزيتها الجهوية كبوابة غربية للعالمين العربي والإسلامي وكنقطة تواصل مع إفريقيا جنوب الصحراء ومع أروبا ومع القارة الأمريكية وكفاعل إقليمي وعربي يتمتع بعلاقات متوازنة مع كل الفرقاء ويعول عليه كثيرا في مسارات لم الشمل وتجاوز إكراهات المرحلة الراهنة، تعول موريتانيا بدورها على شقيقتها السعودية في دعم نهضتها الاقتصادية وفي دعمها على مستوى الهيئات المالية الدولية والإقليمية المانحة وتعول على خادم الحرمين الشريفين وعلى سمو ولي عهده محمد بن سلمان في تمكينها من كل الوسائل المالية والتكنولوجية الكفيلة بتفعيل جهودها الرائدة لمكافحة الإرهاب والغلو والتطرف، فمحاربة الطائفية والتمدد الشيعي في المشرق لن تكون مجدية إلا إذا واكبها جهد موصول على مستوى الغرب الإسلامي كانت موريتانيا وما تزال وستظل أهم منطلقاته، فالهم العربي الإسلامي واحد من المحيط إلى الخليج والتكامل يخدم الجميع وتفعيل التعاون وتسريع وتائره تمليه مصلحة الجميع.
أحمد مصطفى – كاتب صحفي وسفير سابق