ما ذا أقول؟َ / أحمد فال ولد الدين

altشاء ربك أن يكون شهر أغسطس شهر مسرات وأحزان في موريتانيا. ففي أيامه الأولى من عام 2005، انجلى كابوس حكم ولد الطايع واحتفل الموريتانيون بحلم ديمقراطي داعبوه ثلاث حجج. وفي أيامه الأولى كذلك من عام 2008، استيقظوا من الحلم الجميل ورأوا دابةَ الأرض تأكل منشأة ديمقراطيتهم التي اغتيلت ولمَّا يشتد عودها. 

لكأن عساكر موريتانيا يعتبرون أغسطس "تشرينهم" الذي يمارسون فيه هواية الانقلاب وينشدون مع نزار: 
جاء تشرين يا حبيبة عمري * أحسن الوقت للهوى..تشرين! 
لكن ما يثلج صدر المراقب أن نزوات حمقى الجنرالات اصطدمت باستنكار صلب من الخارج ومعارضة قوية متماسكة من الداخل ممثلة في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية. فرغم مضى أكثر من شهرين على الانقلاب المشؤوم فإنه لم يحظ حتى اللحظة -حسب علمي- بأي اعتراف من طرف أي حكومة. وذاك لعمري الفشل بعينه. 
هذا الانقلاب فرصة للموريتانيين كي يتعرفوا عن قرب على طبقة سياسية يبدو أنها من أهم عراقيل التنمية البشرية والاقتصادية في بلدهم. فكتيبة البرلمانيين التي تشرع كلما يقوله الانقلابيون والأحزاب السياسية الأخرى التي تفهمت الانقلاب هما النواة الصلبة لهذه المجموعة التي تقف عائقا دون حصول أي تقدم في هذا البلد المنكوب اقتصاديا. 
ومن المؤسف أن الرجل الذي حصل على نسبة طيبة في الانتخابات الرئاسية الماضية ورضي بها واحتل منصب "زعيم المعارضة" بما فيه من امتيازات ينتمي لهذه الطبقة أيضا بامتياز، إذ كان أول المطبلين المسوغين لنزوات ولد عبد العزيز. 
وأنا أقترح أن يفتح المناضلون عن الديمقراطية عريضة تدون فيها أسماء كل من طبل لولد عبد العزيز على حساب الديمقراطية، وأن يكون لهذه العريضة موقع على الإنترنت تدون فيه أسماء كل الشخصيات السياسية التي ساهمت في اغتيال أحلام الشعب الموريتاني. 
ستتضمن العريضة كل أسماء كتيبة البرلميانيين المؤيدة للانقلاب التي كانت أهم عامل في عدم الاستقرار خلال السنة الحالية. ولتتضمن بالطبع اسم الرجل الذي لا يسمع هيعة ضد الديمقراطية إلا لباها باسم الديمقراطية: "زعيم المعارضة" السابق...إضافة إلى بعض الشخصيات التقليدية المتفهمة للانقلاب. 
لقد كنت من أشد الناس صدمة بما حصل يوم السادس من أغسطس. وأذكر أنه في يوم الانقلاب طلب مني الزملاء في جريدة "العرب" أن أكتب مقالا في الموضوع لكنني أكديتُ وعجزت وتذكرت قول نزار: 
ما ذا أقول؟..فمي يفتش عن فمي...والمفردات حجارة وتراب! 
لقد أحسست بنوبة من الغضب لا أعتقد أنني تجرعتها قط. وبدأت أسائل نفسي: كيف استطاع هذا الرجل المأفون الرأي أن يغتال تضحيات وديمقراطية شعب بأكمله في غمضة عين من أجل إشباع نهمه للسلطة؟
لكن آمالنا تجددت نتيجة الوقفة الصلبة للجبهة في الداخل والموقف الممتاز للقوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الأوروبي في الخارج. 
أنا واثق أن الشعب الموريتاني لن ينس أولئك الذين وقفوا معه في هذه اللحظة العصيبة من تاريخيه، كما أجزم أنه لن ينس تلك الأسماء السوداء التي تحاول ستر عورات النظام العسكري الجديد. وأجزم أنه سيتجاوز هذه الغمة ويستعيد ديمقراطيته السليبة قريبا.

7. أكتوبر 2008 - 12:48

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا