لم يكن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، والذي كانت قد اتخذته الحكومة الموريتانية يوم السادس من يونيو 2017، أي بعد يوم واحد من قطع السعودية ومصر والإمارات والبحرين لعلاقاتها مع قطر، لم يكن ذلك القرار بالقرار الحكيم والراشد، بل على العكس من ذلك، فقد كان قرارا متسرعا وصادما ويوحي بشيء كثير من "الخفة الدبلوماسية" التي لا تليق ببلدنا.
كان بإمكان الحكومة الموريتانية أن تتخذ من هذه الأزمة موقفا مشابها للمواقف التي اتخذتها الحكومات في البلدان الشقيقة : المغرب والجزائر وتونس، أي أن تعلن عن موقف محايد مع إبداء الاستعداد لدعم أي وساطة تسعى لحل هذه الأزمة المفتعلة التي اندلعت بشكل مفاجئ بين دول شقيقة، والتي لا شك بأن نتائجها السلبية قد وصلت إلى الجميع.
سارعت الحكومة الموريتانية من خلال بيان متسرع وصادم من وزارة خارجيتها إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ولم تقبل قطر أن ينعكس ذلك سلبا على جاليتنا هناك، فللحكومة القطرية الشكر على ذلك. وبعد مرور عام ونصف على اندلاع هذه الأزمة، وتحديدا في يوم 4 ديسمبر 2018، تلقى أمير دولة قطر رسالة خطية من الملك السعودي تتضمن دعوة لحضور أعمال القمة التاسعة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، والتي ستنعقد في الرياض يوم التاسع من الشهر الجاري.
أسأل الله تعالى أن يجعل هذه الدعوة بداية لانفراج هذه الأزمة الغبية التي تسببت في إحداث شرخ كبير في مجلس التعاون الخليجي، وأن يجعلها مناسبة لأن تصحح الحكومة الموريتانية خطأها الفادح الذي ارتكبته في السادس من يونيو من العام الماضي، وذلك عندما سارعت إلى قطع علاقاتها مع دولة شقيقة، وأقحمت بذلك بلادنا في صراعات ونزاعات إقليمية كان الأولى بنا أن لا ندخلها إلا في إطار وساطة تسعى لحل ومحاصرة هذه الأزمة التي اندلعت بشكل مفاجئ بين دول عربية شقيقة.
نعم لقد أخطأت حكومتنا خطأ فادحا بقطع علاقاتها مع الشقيقة قطر، ولذا فعليها أن تجعل من الدعوة التي تلقاها أمير قطر من ملك السعودية، مناسبة لإعادة العلاقات مع الشقيقة قطر.
الراجح أن قطر سترحب بأي خطوة في هذا الاتجاه، فمنذ يومين تم الإعلان عن تسلم الأمين العام لوزارة الخارجية القطرية أوراق اعتماد سفير جمهورية موريشيوس، وتكون بذلك موريشيوس هي أول دولة تتراجع عن قطع علاقاتها مع قطر من بعد اندلاع الأزمة الخليجية، وثالث دولة تعيد سفيرها إلى قطر بعد السنغال و اتشاد اللتين كانتا قد سحبتا سفيريهما للتشاور.
لم يكن يليق بموريتانيا أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وكان الأجدر بها أن تسارع بإعادتها تصحيحا لذلك الخطأ، وأن تكون هي أول دولة تعيد علاقاتها مع قطر، أما وأن أي شيىء من ذلك لم يحصل، فإن الواجب على الحكومة الموريتانية في هذا الوقت بالذات، هو أن تبارك الدعوة التي وجهها الملك السعودي إلى أمير قطر، فقد تعودنا منها في الفترة الأخيرة أن تعلق ببيان على كل القرارات التي تتخذها السعودية في هذا الشأن، وعليها من بعد ذلك أن تسارع إلى إعادة علاقتها مع قطر، ودون أي تأخير.
حفظ الله موريتانيا..