تحت تأثير العوملة و تناقص منسوب الانفتاح بين الناس،أضحت الصلات بين مكونات المجتمع ناقصة ضعيفة،فى وقت كانت فيه اللحمة الاجتماعية و العائلية،بوجه خاص،فى وقت غير بعيد،مصونة معتبرة!.
فقلت الزيارات بين ذوى الرحم،بل تجد أبا يفتقد أبناءه فترة طويلة ،دون أن يتذكروه،بمجرد زيارة !.
حياتنا المعاصرة قلت فيها القيم و الأعراف الجميلة،حتى فى أخص و أضيق الروابط .
فهل بات المجتمع يتجه نحو الفردية و الانعزال و التقوقع ،فحسب؟!.
و فى الحديث أن الرحم استغاثت بالرحمان من القطيعة ،فقال لها :"مه ،ألا ترضين ان أصل من وصلك و أقطع من قطعك ".
و قال جل شأنه «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" صدق الله العظيم .
فهلا انتبه الدعاة و المصلحون و أصحاب المنابر المختلفة، إلى هذا النقص المشين فى علاقاتنا الاجتماعية، و العائلية بوجه خاص ،التى باتت بحاجة لالتفاتة جادة ،عسى أن لا تصبح القطيعة فى مستوى يصعب علاجه و إصلاحه .
و لعل غياب و نقص التضامن الاجتماعي ،المطلوب عرفا و دينا و مروءة ،ليس إلا نتيجة من نتائج ضعف الترابط الاجتماعي و تدنى صلة الأرحام .
لقد قرن الله بين الأمر بتقواه و صلة الرحم ،و هو ما يعنى أهمية هذه الخصلة الطيبة الملحة، فى حساب شرعنا الإسلامي .
و كلما تعودنا على وصل الرحم سهل القيام به و صعب هجرانه، بإذن الله .
إننا بحاجة ماسة ،لمحاسبة أنفسنا،و محاولة سد ما ما أمكن من الثغرات، فى سياق علاقتنا الاجتماعية عموما،و العائلية ،بوجه أخص .
إن معاملة الناس بالمثل ،إذا أساءوا،من أهم أسباب قطع الرحم.فالأقارب جديرون ،بأن نوسع لهم صدورنا، و نصبر عليهم باستمرار،دون كلل.
الغضب من الشيطان و تصفية الحسابات و التحسب ،لكل صغيرة و كبيرة ،يباعد الصلات و يهدم المودة و التفاهم بسهولة ،للأسف البالغ .
و مع تحول الناس للمدن و القصور ،انشغل كثيرون عن معانى الحياة الأخلاقية و القيم الفاضلة و أصبح الشغل الشاغل الدراهم و تحصيلها و رخاء العيش الدنيوي .
ألا إن العيش عيش الآخرة،و لا خير فى خير بعده النار،و لا شر فى شر بعده الجنة .
هذه الحياة ليست دائمة أبدية ،و من غرته سيندم قبل الخروج منها،أولى بعد الخروج و الموت ،فلابأس إن تذاكرنا و تواصينا بالصبر و التراحم و التعاون .
فالمعروف حرث لا يخسر،بإذن الله ،و أثره موفور واسع ،إن شاء الله .
ترى العشرات من الناس، مرمي فى ركن بيت قصي ، لا يزوره أخ و لا قريب ،مع أنه من وسط اجتماعي متنوع مديد ،إلا أن الهجران و القطيعة هيمنت على قطاعات واسعة من مجتمعنا،للأسف،و هي فى تزايد ،دون دراسة و بحث لسبل الحل .