كلمة الإصلاح لا تستطيع أن تسكت وهي ترى تشريع الله لعباد الله فوق أرض الله يوخر ليقدم عليه تشريع منظمات دولية ليس لها في الآخرة من خلاق ولا نصيب ولاسيما أنه لله الحمد يوجد أمامي دستور بلدنا المسلم كله، ومكتوب في هذا الدستور المادة الخامسة : الإسلام دين الدولة والشعب بتعريف الجزئين .
والمقنـنون عند كتابتهم للقوانين يراعون الألفاظ وما تحمل من المعاني ، وتعريف الجزءين هنا وهو المسند الإسلام والمسند إليه الشعب والدولة معناه الحصر في اللغة العربية بمعنى أن ما يحكم به في شعب هذه الدولة هو التشريع الإسلامي أي يجب أن يكون مطابقا لأحكام الإسلام ، فكلمة الدين لا معنى لها إلا العقيدة والتشريع لأنهما الركنان للإسلام.
فالعقيدة تعبر عن الإيمان والتشريع يعبر عن العمل بالإسلام ـ فحديث جبريل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : أنه جاء ليعلمنـا دينـنا فيه كما هو معلوم " الإيمان" الشامل للإيمان بالله وملائكته وكتبه وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإسلام فيه أركان الإسلام والإحسان فيه مراقبة الله للجميع.
ومعلوم أن الإيمان بكتاب الله في الحديث بالنسبة للقرآن تطبيق ما جاء فيه كما قال تعالى(( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اريـك الله ولا تكن للخائنين خصيما )) .
ومن المعلوم عند المسلمين أن أكبر حارس تركه الله لحراسة تطبيق أحكامه في كل شيء هو الوعيد الأخروي الذي يجب على المؤمن أن يتنبه له .
وأكبر وعيد في قضية تغيير تشريع الله للأسرة ما جاء معقبا به في تشريع الميراث بعد تحديده بالكم والكيف فقال تعالى بعده( تـلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) وعلى مشرعي تونس أن يراجعوا هذه الأيام مضمون هذه الآية .
أما نحن هنا فموريتانيا علينا أن لا نراجع قانون " النوع" بل نرجعه إلى المنظمات الدولية التي لا ترجو لقاء الله .
وهنا أذكر السادة النواب بقوله تعالى(( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ))
فالله قد ترك لتشريعه خاصة حدودا أسند عقوبة متجاوزها إلى نفسه يوم القيامة ، فالوعيد القرآني الذي مر آنفا ، بعد آيات الميراث في سورة النساء يعم جميع مخالفة التشريع .
فبعض العلماء أطلق سياج ذلك الوعيد على جميع من تجاوز حدود الله في أي تشريع له بل فسر عدم اتباع تشريعه بعدم الإيمان يقول تعالى((ألم تـر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبـلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) والطاغوت كل ما عبد من دون الله أو عمل بتشريعه من دون تشريع الله كما قال صلى الله عليه وسلم : إن عبادة اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم هي اتباعهم لهم في التحريم والتحليل من دون تشريع الله .
أما قضية مناقشة القانون النوعي المقدم الآن إلى الجمعية الوطنية للمصادقة عليه ـ فإذا كان المشروع مقدما أولا من طرف وزراء الدولة فإنا لله وإنا إليه راجعون ما أخف على الحكومة تغيير شرع الله مع علمها ( ولو بالقوة كما يقول المناطقة ) أن الله يمكن أن يأخذ إليه أحدهم قبل الموافقة عليه فيقال له غدا و للمنظمة الدولية (( وقـفوهم إنهم مسؤولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون)).
ولاسيما أنه معلوم بالضرورة لدى الجميع أن ما أصبح يعرف بالأحوال الشخصية وأكثرها قضايا الأسرة أن الله تولى تشريعها جملة وتفصيلا حلالها وحرامها ، لأن الله هو الذي أراد خلقها خليفة على هذه الأرض وسخر لها ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه.
فبدأ تنظيم المجتمع المدني المسلم الذي من المفروض أن يسمع قوله من داخله من خلال حفظ الحقوق الاجتماعية والمالية لإزالة رواسب التشريع الجاهلي فأنزل في ذلك سورة سماها النساء تشريفا لهن بذلك فكأنه يقول فيها للرجال هذه أحكام النساء باجتماعهن معكم فحافظوا عليها .
يقول تعالى(( يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) .
أيها النواب المحترمون هل مدخل هذا التشريع يمكن أن تقوله منظمة دولية وتختم جملته الأولى بالمراقبة على التشريع جميعا .
وبما أن هذا التشريع المقدم هو عبارة عن ملاحظات متفرقة في حياة الأسر لم تدر المنظمات الدولية غير المسلمة أن الإسلام جعل لكل جزئيه منها تشريعا مراقبا من طرفه هو جل جلاله بإنزاله لوعيده على مخالفته في القرآن ولتركه صلى الله عليه وسلم لأحاديث تكمل ذلك التشريع طبقا لقوله تعالى
(( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) فإني سوف أرد على نقاط منه مبينا التشريع فيها من لدن حكيم عليم .
أولا : المادة8: التحرش الجنسي هذه كلمة اخترعها البشر يعبر بها عن مراودة الرجال للنساء وبأي وسيلة وهذه المراودة يقول فيها عالم الغيب والشهادة ((قـل للمؤمنين يغضو من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون )) ونفس الآية موجهة للنساء مع تعديلات يقتضيها الحال وهي وجوها مع محارمها .
وهنا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : كتب على ابن آدم حظه من الزنى فهو مدرك لذلك لا محالة العينان زناهما النظر إلى آخر الحديث المتفق عليه ، ويقول الله تعالى((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) فإذا وقعت أي مخالفة في الموضوع فالتشريع أعطى للقاضي أن يعزر بها بما دون الحدود ويكون في ذلك نائبا عن الله سيؤجر عليه وتؤجر السلطة التي تحميه ليؤدي مهمة تشريع الله على عباد الله .
أما الحدود فكل ما يتصل منها بفعل الرجل والمرأة عن طريق أي ممارسة فهي بالتفصيل في القانون الجنائي المصادق عليه طبقا للشريعة الإسلامية من طرف المشرع آنذاك ولا يجوز تغييره إلا بتعديله أو بعد إلغائه لا قدر الله .
فجميع عقوبة الزنا بأنواعها الطوعي والإكراهي البكر والثيب وغير ذلك موجود عقوبة ذلك كله في القانون الجنائي المادة 308 وما بعدها .
وهذه المادة قبلها المادة306 هذه المادة غير مكتوب تحتها فعل معين بل كاتب التشريع فيها قصد أن يجعلها مادة معاقبة لكل من يقوم بعمل مخالف للآداب الإسلامية فيدخل في ذلك نشر الصور العارية في الأماكن العمومية إلى غير ذلك .
أما المواد 16 و 19 من قانون المنظمات هذا الذي يتدخل في التشريع في حياة الزوجين فيما بينهما فكان على النواب المسلمين كلهم أن يردوا عليه بأن الله تبارك وتعالى هو الذي خلق آدم وجعل منه زوجه حواء ليسكن إليها وبعد ذلك جعل بين الزوجين مودة ورحمة لو لم يخلقهما الله فيما بينهما لم يبيتا ليلة واحدة في مكان واحد ، وعندما خلقهما ووزع بينهم الحياة في البيت فجعلها هي للانجاب وهو لتحصيل لقمة العيش له ولها وللأولاد وما يمكن التدخل فيه بينهما فقد نص عليه المشرع الإسلامي في أول وهلة فزيادة على قوله تعالى((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)) فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال الأزواج بصفة عامة على نسائهن فقال: استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج إلى آخر الحديث ، كما قال للرجل أنه راع في أهل بيته وكل راع مسؤول عن رعيته حتى المرأة مسؤولة أمام الله عن رعاية بيتها فأين مكانا للمنظمات الدولية يمكنها أن تتدخل فيه بين الرجل وزجه المسلمين حتى قال تشريع المنظمات أنه لا يجوز للزوج التدخل في حرية أفعال الزوجة والله يقول كما في الحديث الرباني أي ما امرأة باتت وزوجها غضبان عليها فإن الملائكة تبيت تلعنها أو كما قال صلى الله عليه وسلم فأي منظمة تستطيع أن ترد عنها لعن الملائكة لها .
فهذه الحالة الخاصة بالأزواج هي العامة في الأسر ، أما إذا كان هناك أي خلاف آخر فالله يقول( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها )) إلى آخر الآية والحكم أقرب إلى روح الزوجية من فعل القاضي .
أما تزويج القاصرة فإن الشريعة جعلت أمرها عند أبيها الذي كان ينفق عليها وهي حمل واستمر إنفاقه عليها وهي تكبر فإذا ارتأى لأي سبب سواء فقرا يتعلق به هو أو أسرته أو خاف عليها أو وجد لها فرصة للتزويج إذا فاتها يصعب عليها التزويج بعد ذلك فقد أعطته الشريعة ذلك بشرط أن لا يكون تزويجا ضارا بها هي بمعنى أن يكون مع فاسد أخلاق أو ذي عاهة معدية أو غير ذلك ممن لا ترضى هي فعندئذ يكون عدم رضاها مقبولا في الشرع .
أما إذا كان أبوها غير موجود فلا يزوجها إلا من أوصاه وكيلها على ذلك أو كان القاضي هو المزوج لها، وعمل القاضي تحمله الشريعة دائما على المصلحة .
كما أن المنظمات ليس عندها للحكم بتطبيق قوانينها إلا القضاة ، وقضاة الشريعة الإسلامية هم الذين يتحكمون في الأسر القاصرة بعد عدم وجود أبيهم المربي لهم .
أما حتمية اطلاع الطبيب على المرأة لمعرفة ما بها بدون شكوى فلا يجوز لأي طبيب أن ينظر إلى أي امرأة إلا إذا طلبها منه من له عليها وكالة بشرط أن يكون هناك سبب شرعي لهذا النوع .
أما التوصيات العامة التي فيها أن المنظمات ستقوم بتحصيل المادة التي تمكن المشرفين على تطبيق هذه القوانين فإن على المنظمات أن تجمع من الممولين ما استطاعت أن تجمع ولكن للإنفاق على الأعمال الخيرية التي تحد من الوضعية التي ترتكب بسببها كثير من هذه المخالفات وهي المفتوحة للمنظمات على مصراعيها التدخل فيه ولكن بدون تشريع لا يفهم الإنسان منه أن الله هو المراقب عليه ويخاف من وعيده أما غير ذلك فمردود على صاحبه ويقول فيه تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ))