النقاشات السياسية العاجزة عن المواءمة بين كون الرئيس محمد ولد عبد العزيز لا يريد التخلي عن السلطة وبين كون مأموريته توشك على النهاية ،ليست هي ما ينقص الموريتانيين هذه الأيام.
ولفهم تلك الظاهرة الغريبة توقع بعض هؤلاء بقاءه لضرورات أمية تطرأ أسبابها المفتعلة فيما بعد ،وهذا الاحتمال مستبعد لأنه يتطلب نقض غزل أهم إنجاز تبجح به الرئيس ألا وهو الأمن.
وتوقع آخرون ظهور غلاة أكثر ملكية من الملك تشبثوا به ومنعوه كرها من مغادرة السلطة بعد انتهاء مأموريته دستوريا ،وقد ظهرت مبادرات تصب في هذا الاتجاه غير أنها لم تصل حتى الآن مستوى الانقلاب ،ومعروف أن الانقلاب قد يكون بإسقاط سلطة شرعية أو بالتمسك بالسلطة خارج إطار الشرعية.
واحتمال آخر توقع تعيين الرئيس لرئيس مدني بشكلية انتخابية ،على أن يبقى هو جالسا خلفه يأمره وينهاه إلى أن يجد سانحة لإقالته ،ويعني هذا تكرار تجربة سيدي وما فيها من مخاطرة.
واحتمال آخر يرى أن النظام جماعي وليس فردي وانه يحضر لاختيار خليفة توافقي للرئيس، وهذا الإحتمال لم يظهر ما يؤكده أو ينفيه حتى الآن.
وهناك احتمال أخر ،هو ترك السلطة هذه المرة لشيخ معارض يكون غريب الوجه واليد في القصر الرئاسي الذي سيجده مكانا موحشا،خاصة إذا سعى إلى ترويض العفاريت ومنعهم من القيام بما اعتادوا عليه منذ عقود .
راعي العفاريت يشقى وتتدهور صحته العقلية قبل البدنية لما أراد الإصلاح،ما يتيح للمجلس الدستوري إعلان عجزه النهائي في قرار أسود .
ومن هنا يظهر أن مبادرة اتررزة المصروفة عن ظاهرها لها أهداف قطعية وأخرى ظنية ..فالقطعي يسعى إلى تغيير تصنيف اترارزة كمعارضة ،ما يبرئهم من تهمة اتخذت ذريعة تحبط أعملهم السياسي ،وبالتالي خروجهم من قسمة الأغلبية للغنيمة.
أما الأهداف الظنية فتتعلق بتوظيف تلك المبادرة للكيد ضد معارض منعه عائق السن رغم أن توظيفه ضرورة من ضرورات المأمورية .
وهنا يتم تأليف قلوب المعارضة بتعديل دستوري لا يخوض في زيادة المأموريات وإنما في زيادة سن الترشح ،فيزول الألم الذي تركته مبادرة وجهاء اترارزة الأخيرة.
وعندما تتوحد المعارضة والأغلبية على هذا النحو تتدفق التمويلات وترتفع الثقة في البلاد ورئيسها،ونكون أمام خارطة طريق !!.
المحامي / محمد سدينا ولد الشيخ ولد أحمد محمود