فى لحظة من لحظات الضعف العربى الراهن تفرغ العدو الصهيونى لأهلنا فى غزة مستغلا انشغال القادة وضعف الكيانات السياسية وهزالة المجتمع المدنى فأوغل فى الجراح وضاعف من هجماته وتصاعدت أوراح الشهداء ..الشهيد تلو الشهيد.
فمصر العربية متعاونة مع عصابات القتل فى حصار "الغزاويين" ، و خدام الحرمين منشغلون بالرقصات الشعبية الهزيلة مع السفاح بوش ،وهستريا التباكى على أرواح الفرنسيين فى موريتانيا شغلت الساسة وتفرغ لها الأئمة وباتت موضوع الندوات والمحاضرات والإعتصامات فى الجامعة والثانويات بعدما غابت قضايا الأمة داخل وخارج الوطن عن سابق قصد واصرار.
عشرات الشهداء ومئات الجرحى بينهم أبناء القادة ورموز المقاومة يتساقطون كالخراف على حدود ثلاث "جمهوريات" عربية فى ظل صمت اعلاميى مطبق وانشغال سياسي لم يسبق له مثيل فى تاريخ العرب المعاصر ان كان للعرب تاريخ...
لم نعد نسمع حتى عن قائد يشجب أوسياسي يدين رغم تصاعد الألام جراء الحصار المطبق والفتنة الداخلية وأخيرا طائرات "f16 " الأمريكية المزودة ببترول الخليجيين الزهيد تكمل ماتوافق عليه القادة العرب والإسرائليون فى مؤتمر أنابوليس..
جال بوش فى المنطقة مستذكرا تاريخ الغزاة وبكى مع اليهود فى كنيس القيامة ووعد الإسرائليين بدولة خالصة لليهود وتحدث دون خجل عن ضرورة توطين وتعويض اللاجئين ليقينه أن القادة العرب جاهزون للتوقيع على أى قرار دون ما كثير عناء !! ومع ذلك لم يحتفى به الإسرائليون كما أحتفينا نحن المنكوبين به فلارقص فى القدس ولاصيد فى حيفا ولامومسات اسرائيل تراقصن أمامه وهن عاريات للأسف كما حدث فى بلداننا الإسلامية والإسلامية فقط...
لكن مايحزننى الآن ليس تراجع التأييد لدى حكام الأمة فالأمر مفهوم ومعلوم وبات من شبه المؤكد أن لاخير فيهم ولاهم يحزنون . ولكن أن تخف جذوة القضية فى نفوس الساسة وخصوصا المعارضين وتغيب من يوميات الطلاب رغم تضاعف المأساة منذ عشرات السنين ،وتكون ملامح وجه "بناظير بتو" أهم منها لدى قادتنا المعارضين، تكون المصيبة قد حلت والقضية قد تولى عنها عباد المناصب وباعوها فى سوق النخاسة من دون ثمن (اسلاميين وقوميين ويساريين ومصفقين.......الخ).
لا أحد يسأل نفسه الآن فى موريتانيا لماذا لايتظاهر الطلاب أو تتكلم النقابات أو تصدر الأحزاب بيانات تنديد أو يفى رئيس موريتانيا ب"وعده" فى ظل وضع ملائم أو يتقدم نواب المعارضة أو الموالاة بمشروع لقطع العلاقات مع اسرائيل من داخل البرلمان أو تتخذ الحكومة من نفسها مبادرة بالأمر تماما كمبادرة تعديل الدستور؟!.
لا أحد يسأل نفسه الآن فى موريتانيا كيف تجاهلت الصحف العربية والفرنسية والوكالات الإخبارية موضوع الأزمة فى فلسطين (باستثناء البديل الثالث) فلا ادانة للجرائم المستمرة ولامقالات تنبه المجتمع أما الصور التى تظهر حجم المعاناة فقد غابت بفعل مقص الرقيب؟!
لا أحد يسأل نفسه الآن فى موريتانيا "هل يستحق ولد سيدنا وعصابته" كل هذه الضجة الإعلامية والتظاهرات السياسية والبيانات التنديدية وكيف تنشغل نخبة موريتانيا وسياسيو موريتانيا وأمن موريتانيا عن قضية فلسطين رغم أنها أحد بنود برامج الأحزاب الثابتة (غلطا ربما) واحدى الوعود الانتخابية التى صدعت بها القوى السياسية رؤوس الناخبين؟!
لا أحد يسأل نفسه فى موريتانيا كيف غابت فتاوى العلماء وخطب الأئمة والحفاظ ولماذا نستذكر قيمنا ومواقفنا ودورنا فى عهد الرئيس ولد الطايع وننساها فى عهد الرئيس ولد الشيخ عبد الله رغم استمرارية التطبيع وتفاقم الأوضاع وارتفاع منسوب الحريات..؟!
ببساطة نحن أمة لاتستحق الحياة ..نحن أمة أدمنت الذل وباتت تألف كل عمل مشين!!!