الحكومة الخادمة / أحمدو ولد الوديعة

altليس في العنوان السابق أي خطأ مطبعي ولا علاقة له بالتوقعات حول من سيقود الحكومة القادمة ،ومن سيدخلها ومن سيخرج منها فليس ذلك هو الأساس الذي يستحق الاهتمام اليوم في بلد تنخرط جهات عديدة لجره إلى الخلف متسترة وراء الكثير من الحجب البراقة والمعتمة وما بين ذلك وذلك، مستغلة فشل النظام الحالي في تحسين الحياة اليومية للمواطنين في السعي لإيجاد رأي عام مستعد للاستجارة من الرمضاء بالنار.

لقد كتب الكثير عن حصاد عام من حكم ولدالشيخ عبدالله، وبرغم تعدد طرائق التعبير فقد كان هناك اتفاق واسع على الإشادة بالمتحقق في مجال الوحدة الوطنية والحريات، وإدانة لاستمرار الفساد والمفسدين، وتعبير عن قلق مشروع من ضعف دائرة الحكم الشرعية لحساب دوائر أخرى غير شرعية.
ومنذ أن المح الرئيس إلى أن الوقت قد حان لتشكيل ما سماه "حكومة سياسية" والحكومات تتهاطل من كل حدب وصوب كل يشكلها حسب هواه ومصالحه ، "وكل يدعى وصلا بليلى.." ،وتلك عادة قديمة من ترسانة الموروث السيئ المصاحب لنا منذ عقود، ومع أن مصطلح "الحكومة السياسية" مصطلح جديد ولايخلو من إلباس ومع أننا حديثوا عهد بتقويم عام من الحكم المدني أو الديمقراطي فلم يتطرق الحديث الجاري حاليا لدلالات الحكومة السياسية الموعودة ولا لأولوياتها ولا لطبيعة التغييرات التي يجب أن تدخل على نمط الحكم حتى يشعرالناس أن شيئا تغير في هذه البلاد حتى ولو كان ذلك التغيير بطيئا، لم يحصل شيء من ذلك وإنما اقتصر الحديث على "توزيع الحقائب" بين الأغلبية والمعارضة في أحسن الأحوال وبين الجهات والقبائل في اغلب الأحوال وأسوئها.
إن ما يجب أن يتطرق إليه الحديث هو وظائف وأولويات حكومة "الحول الثاني" للرئيس المؤتمن التي تنتظرها مسؤليات جسام أيا تكن تشكلتها وتعدادها وألوان وجهات وزرائها .
ما يهم الكثير من الموريتانيين اليوم هو بكل بساطة أن تكون هذه الحكومة خادمة لهم وليست حكومة تدشينات وافتتاح ملتقيات وعرض أزياء، ولاحكومة قصور منمقة يفنى أعضاءها ميزانيات قطاعاتهم في سفريات، وإكراميات وأعباء أخرى وورش وملتقيات ليخرج كل منهم - بعد فترة من حكمه يصبح فيها مؤهلا للظهور أمام الكاميرات - وهو يدبج خطبة عصماء يتحدث فيها بكل اعتزاز عن تقدم دراسة المشروع كذا ومصادقة الممولين على المشروع كذا وتنظيم أيام وطنية للتشاور حول المسألة كذا إلى آخر تلك الشنشنة التي نعرفها من الأخرمين السابقين، والحاليين وما أكثرهم وأقل مردوديتهم.
ما يحتاجه الموريتانيون اليوم هو حكومة تجعل في قائمة أولوياتها مراجعة الميزانية لا لتشرع الخطة الاستعجالية بعد أن توزعها الوجهاء شذر مذر وأسس بها حزب " العهد" بنيانه المتهاوي، بل لتحذف منها تلك البنود الفاسدة التي جمدت تحتها حسابات كبيرة تركت نهبا لرهط المفسدين المارد على أكل المال الحرام.
ما نحتاجه هو حكومة تدعم المنجزات التي تحققت في مجال تدعيم الوحدة الوطنية من خلال تطبيق سياسية اجتماعية تقطع الطريق أمام " الديمقراطيين الجدد" المتخفين وراء المطالب العادلة للمقهورين من أجل إعادة إنتاج نظام العفن والعنصرية الذي حكم البلاد خلال العقدين الماضيين... حكومة لاتقبل أن تذهب خيرات البلد لهيئات مشبوهة وغير شرعية تكرر – وإن بعناوين مختلفة - تجارب سابقة نعرف جميعا كيف كانت الدعامة الرئيسة للنظام المخابراتي الذي ذاق الجميع ويلات بطشه وجبروته.. 
ما نحتاجه هوحكومة تقطع – وبدون تردد - تلك العلاقة الحرام التي أقامها ولد الطايع مع الكيان المسخ لتعيد لموريتانيا شهامتها وترفع رأسها عاليا بعد أن وارته تلك العلاقة الآثمة فى التراب سنوات طويلة، وسنكتشف يوم نقوم بذلك القرار التاريخي أن لامبرر إطلاقا لحالة الخوف الهستيري التي تنتاب بعضنا عندما يتم الحديث عن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، تلك الحالة التي بلغت ذروتها أخيرا بعد نشر وسائل إعلام عربية خبرا عن عزم الرئيس مراجعة الأمر فكان أن خرجت التكذيبات من كل مكان بل إن الرئيس ورط نفسه في نفي ذلك الأمر و بلغ به الحرص على نفي الأمر أن اتهم جهات ما بالوقوف وراء نشر خبر عن تنصله من تلك العلاقة، وهو الذي ظل يمنينا ويعدنا أنه سيطرح الأمر على الشعب الموريتاني.
إن أي حكومة لا تأخذ الأولويات السابقة بعين الاعتبار محكوم عليها بالفشل المسبق لأنها ببساطة لاتملك وصفات للداء الذي ينخر الجسم الموريتاني، ولها بعد ذلك أن تكون سياسية أو لاتكون أون تكون فيها المعارضة أولا تكون.

28. أبريل 2008 - 15:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا