لقد ترسخت ثقافة الاسترقاق في المجتمعات العربية منذ العهد الأموي وإلى اليوم وقد تجاهل جل الباحثين العرب البحث في هذه الظاهرة التي عادت بقوة بعد أن قضى عليها الإسلام وعرفت ازدهارا منقطع النظير فها هو الدكتور حسن إبراهيم يقول في كتابه تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والاجتماعي :
وكان النساء يجلبن من أسواق النخاسة من جميع البلاد إلى بغداد ومنهن الحبشيات والروميات والجرجيات والشركسيات والعربيات من مولدات المدينة والطا ئف واليمامة ومصر ولم يكن بيع الرقيقات
مظهرا من مظاهر العبودية والاسترقاق بالمعنى المعروف بل إن كثيرا من الإماء كن يأتين سوق النخاسة مختارات ليتمتعن
بحيات الترف والنعيم في بيوت الخلفاء والأمراء ........
لقد كذب الباحث نفسه لأنه صرح بكلمة يجلبن وكلمة يجلبن تحيل على القهر وعدم الاختيار الطوعي ثم إن منطق العقل يرفض أن يأتي إنسان سوق النخاسة ليبيع نفسه
إن المرأة التي تعرض نفسها
للبيع في سوق النخاسة _ كما يزعم الباحث _ لا تدري من سيشتريها وليست متأكدة من أنها ستكون من حظ خليفة أو أمير أو قائد عسكري
وهل من الشرف والكرامة للمرأة والرجل الوقوع في يد خليفة أو قائد عسكري عن طريق الشراء والخطف
والحقيقة أن هؤلاء المساكين سواء كانوا من جنس الرجال أو النساء لم يكونوا آلا بضاعة تسرق أو تخطف أو تشترى من طرف تاجر نخاسة أو وسيط في تجارة النخاسة
ومن المعروف يومئذ أن تجارة النخاسة( استرقاق الناس عن طرق الاتجار بهم ) صارت مصدرا للثراء السريع وكانت لها مناطقها
الخاصة المعروفة بها والتي من أشهرها مدينة سمرقند حيث شكلت هذه المدينة بيئة صالحة لاستقبال الرقيق المستورد من بلاد ما وراء النهر ولقد انتشرت أسواق النخاسة في كل مدن العالم الإسلامي بشقيه الشرقي والغربي حيث غصت بغداد ودمشق والقاهرة ومدن الجزيرة ( الأندلس ) وغيرها من مدن العالم الإسلامي بأنواع الرقيق وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت
طبقة قوية من تجار النخاسة كان لها تأثيرها ونفوذهاالقوي في
نظام الحكم فتشكل من كل ذلك
مظهر اجتماعي وثقافي مارس من خلاله نبلاء المجتمع كل صنوف البذخ والبطر ومتع الحياة حيث أصبح بإمكان السيد التسري بعشرات الجواري تحت شعار ملك اليمين لقد استغل سادة المجتمع العباسي ملك اليمين استغلالا بشعا إذحولوه إلى شكل من اشكال الزنا المبرر وفي المجال المالي كانت
تعقد مزادات علنية تدفع خلالها أموال طائلة لشراء فتيات جميلات وكان وسطاء النخاسة يبعن تلك الفتيات للملوك والأمراء وأثرياء المجتمع الذين شكلوا طبقة ساهمت في نهب مال الأمة وتهميش الفقراء وفساد الأخلاق وإشاعة الفاحشة وقد أصبح ما يعرف بملك اليمين موضة في تلك الطبقة مما كانت له انعكاسات سيئة على أخلاق المجتمع كما بينا
كانت أمهات جل الخلفاء ممن استجلبن من أسواق النخاسة ومن ذلك أن أم المأمون فارسية وأم المعتصم تركية وأم المتوكل خوارزمية وأم كل من المقتدر والمستكفي رومية وأم المطيع صقلبية