الصراع من أجل البقاء ــ في صحراء غيرمحصنة، شحيحة مصادر الثقة ، المتبادلة ،فرضت طبيعة الأرض قساوتها على قلوب المتشبثين بها، رصيد تجربتها في إشاعة الأمن وتوفير الإستقرار ضئيل جدا،ــ يبرر لأصحابه وسيلة بقائهم ،حتي ولو كانت على حساب الجنس والجوار، ويكرس إستمرار الظلم بين مكونات المعمرين أنفسهم، رغم إختلاف تقاليدهم، وعاداتهم، ورغم تباين طموحهم، وجدية نضالهم، وتقارب تكلفة البقاء المهدد دوما،والباهظ الثمن دائما٠
إن إهمال البحث عن الحلول ،وتضميد جراح الغبن ،وإشاعة العدل ،كلما تأخرت ،كلما ولدت رصيدا من الإحتقان ،يسهل إستغلاله ،على الذين تبنوا فكرة فرض الظلم ،الممنهج والمُتعَمَد المفروض فعلا وواقعا ،من لدن أحفاد الأسياد والعبيد على حد سوى، في الحاضرالحي ،لأبناء الوطن الواحد ،المشحون بعواطف الظلم ،والمن والأذى ؛فلو أن العلاج أستخدم منذ التأسيس لماكنا اليوم ندفع ثمنه ونحن تحت التهديد والوعيد ،والوطن كالطفل اليتيم ،يرتجف في مخبئه داخل قلوب المؤمنين به حقا ونِتاج السنين المرة والحلوة ،تكاد تعبث به اطماع الفرقاء ،الذين قبضوا من أثر رسول التحررالصائل المهيمن بفعل الرخاء في مواجهة الحاجة والعوز والتخلف ،المكرس لواقع الإستجداء المفتون ، فمهما كانت أولويات مرحلة التأسيس، فإن إنسجام المجتمع ،وتضميد جراحه، وتصحيح أخطاء السلف، من عناوين الأولويات، وتقوية أسس البنيان من ضمان سلامته ،وسيظل علاجها مطلب ملح ،يبارك الله جلَّ في علاه ،كل خطوة وكل جهد بُذل ويُبذل في سبيل تحقيقه ،مهما تأخر أو أُخر بفعل تزاحم أولويات المرحلة، وإخفاق إجتهاد المجتهدين، إبان مرحلة لتأسيس المتواصل ،فحداثة عمر الوطن تفرض إستمرار تأسيسه ،وتصحيحه ؛والجهد الخيّرهو المعني بالحد من الأخطاء، وهو المسؤول عن تقهقرها وتذبذبها وترتيبها على قائمة الأولويات ٠
لا مجال لإتهام رموز التأسيس ،ولا الذين يلونهم ،ولا هاؤلاء، بتعمد تثبيت الظلم ،أوتكريسه ،لأن منطق العقل ،وتفكير العقلاء ،لا يجيز توريط نخبة المجتمع وقادة رأيه ،في معوقات بناء الدولة الوطنية ، حتي إن خنقتها ربطة عنق الأصهب المتجبر، وتوفيق الرغبة الصادقة مع الإكراهات والضغوط ،عملية تحتاج إلى كثيرِ توفيقٍ وعون شعبي مُعدٍ ومهيئ لدخول الوطن ــ هبة أصحاب الخوارق والكرامات ؛ والمنتزع بالكفاح والتضحية من لدن فرسان الزمن الجميل، الغابر الغامر الأخاذ ــ الحلم الذي تحقق بفعل تضافر عومل التاريخ والحضارة ،وتطور التفكير البشري وإختراع أساليب جديدة إسحتوذت على نضال الشعوب وأفرغته من قدسيته ،وهيمنت على صناعة القرار، وأعادت واقع الهيمنة بشكل جديد، وبطريقة محكمة مختلفة عن المواجهة المفتوحة السالفة ،تُنفذ بأيادي وطنية مكرهة أومستسلمة أومُوَاجِهة للمشروع ،بماهو متاح من تأمين ولادة الوطن المطلب والغاية ؛وتكييف الوسائل المتوفرة ؛فالتناقض صفة لازمة لكل عمل أرتُجل بدافع ضرورة إغتنام الفرصة أو بفعل قوة الخصم وشدة مكره وفي كلا الحالتين فالجهد مصان والعطاء يبرر ظاهر حسن النوايا وأما بواطن القصد فمن إختصاص من لا تخفى عليه خافية ٠
ورغم تضارب الطرح ، فإن شمولية القصد ظلت تعطلها تباين أولويات المرحلة، في أذهان ابطالها وشدة تأثُر ضحاياها بتأخير وتأجيل حلول مأساتهم، وأعتراف ألآخر بضخامة نكبتهم ،وعظيم إبتلائهم وعظمة ظلمهم ،حتي غدت مرتعا خصبا لكل صياد عكر؛ لذالك فإن ما تحقق في سبيل إعادة طرحها خطوة في طريق الخلاص من إستمرار إستغلالها ،كوسيلة كسب أكد ألم ضحايها حرمته، وسوء أستخدامه ،وضرورة القضاء عليه ،وخطر إستنزاف الوطن والشعب بفعل تأخير حلوله، الصريحة والمقبولة والمطلوبة ،فقد علت أصوات دعاة الإنتقام ولا شك أن الإنتقام ليس هو الحل وشرع الله يرفضه .