في جامعة نواكشوط "أعياد الميلاد" منتصف يناير / محمد عبد الله ولد لحبيب

altتعيش جامعة نواكشوط منذ اندلاع الأحداث الأخيرة في قطاع غزة على وقع سيمفونية نضالية أججها حماس جماهير الطلاب التي "انحطت في شموخ" إلى ساحات التظاهر  تحيي نضال الأهل في غزة.آخر "ترانيم علا" السيمفونية، التي وقعها الطلاب بأقدامهم وحناجرهم، في استعاضة فنية رائعة عن أنامل "بيت هوفن"، تحويلهم جامعة نواكشوط والشوارع المحيطة بها في "العشر الأواخر" من شهر يناير إلى "ساحات فاتيكان" لا صلبان بها.

 أعادوا الزمن إلى الوراء بضعة أيام..لكنهم قفزوا بنا قرونا إلى الأمام ..أضاءوا بشموعهم مآت الفراسخ من الدروب، التي كانت تلفها العتمة، في طريقنا..حقا إنه "عيد ميلاد" أمة ووطن وجيل تغيير.. يزيدون على الألف أو ينقصون ..، لا يهم. المهم أنهم حولوا أحلامهم وعيشهم الوجداني مع القطاع المظلوم وأهله إلى سبائك ذهب كان نزار قباني سيشيح إليها عن قرط حفيدة طارق بن زياد، بل سيتحول عن التغني بمدخل الحمراء إلى التغني ببوابة جامعة نواكشوط المهترئة، و ما كان مسجد قرطبة ليهز وجدانه بجنب "مسجد صلاح الدين الأيوبي" حيث أدى المحتشدون "صلاتهم الأخيرة" قبل الانطلاق. صورة تهتز لها المشاعر وتعيد إلى الذاكرة أمجاد قرون غبرت.. فعلا رفع الطلاب رؤوس الشناقطة شامخة ووطؤوا بأقدامهم المتوضئة "ثريا النضال" ودفعوا الساسة إلى الركوع تحت مناسمهم الطاهرة .. لقد عاشت موريتانيا، بفضل طلابها، لحظات عزة تنسج في الوجدان أعمدة ضوء شموع الشموخ.. وتسقي شرايين القلوب بدم القرابة مع أيام بدر وحطين وعين جالوت.. يجرع المرء كأس الذل حين لا يملك من نفسه أن يقول " والله ما كنت لأربأ بنفسي عن موطن تصان فيه الكرامة ويشمخ فيه للعزة بناء .. موطن يسيل فيه دم شنقيط من جرح غزة .. وتشرب فيه قهوة الموت زلالا رحيقا مما يتساقاها الأهل في قطاع الجهاد والإباء.. لقد لقنت غزة العالم درسا مفاده أن الجوع وحده لا يكفي لقتل إرادة الشعوب المؤمنة .. وأن الظلام وحده لا يكفي لإطفاء جذوة الأمل في نفوس أشربت حب الشهادة.. وأن القصف، طيارات وصواريخ، لا يكفي لإذابة جبال العزم .. وأن الحصار وحده غير كاف لكسر شوامخ الصمود الراسية.. ليعلم العالم أن الجوع والظلام والقصف والحصار .. غير كافية لتركيع شعب ألف عزة الجهاد وتذوق طعم الشهادة .. واستنشق عبق الفردوس الأعلى.. ولقن ساسة غزة ساسة العالم (والعربي منه خصوصا) درسا مفاده أن رفض إملاءات الصهيونية لا تقصر العمر ولا تنقص الشعبية.. وأن الشعوب تريد من يصدقها ويرفع لها سقف المطالب.. وليس بالضرورة من "يطعمها خبزا" إدامه الهوان .. أو يجلب لها "أمنا" لحمته المذلة وسداه التنازل عن المبادئ .. ولقن طلاب موريتانيا ساستها درسا مفاده أن الجرأة في طرح المواقف والاستماتة في الدفاع عنها خير من السعي لتفاهم مريض لا يخدم القضية ولا يزيد في المدة .. لا ينكي عدوا أو يثلج صدرصديق.. "فطلابنا قادة وغيرهم تبع.." 

23. يناير 2008 - 10:14

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا