لما دعا وزير الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى ملتقى مع الصحافة، و هو حقوقي و محامي، جعلت أسأل نفسي عن سبب الدعوة و علاقتها بما قاله النقابي الساموري ولد بي، و علاقتها كذلك باطلاق سراح النائب بيرامه ولد الداه ولد اعبيد الذي تم اطلاق سراحه في نفس الليلة التي كان فيها الوزير يحاور الصحافة حول خطاب الكراهية و التمييز و دور الاعلام في محاربة هذه الظواهر السلبية و الخطيرة.
إن الدعوة إلى مسيرة ضد التطرف و خطاب الكراهية و العنصرية في هذا الظرف الحساس الذي يتجرأ فيه رجل طاعن في السن تربع عشرات السنين على مركزية نقابية من أهم المركزيات النقابية، تلك الدعوة تعتبر رسالة قوية و مؤشرا واضحا على رفض النظام لمثل هذه الدعوات العنصرية و رفض تلك النظرة بصورة مظلمة لمستقبل البلد، و إهانة ما بعدها إهانة من شخص يفترض فيه أنه يجمع و لا يفرق و يعض على الوحدة الوطنية بالنواجذ.
ليس من السهل استساغة ما ذهب إليه النقابي الساموري، و لا من الممكن قبوله لا كتصريح و لو صدر من منهم دون قدر الرجل و مستواه، أحرى أن يتغاضى عنه و هو صادر منه.
على الساموري و غيره من أبناء الوطن أن يفهموا جيدا أن الذي يجمع مكونات هذا الشعب أكثر مما يفرقها، و أن وحدة الشعب و حماية حوزته الترابية أمور لا يمكن أبدا التساهل فيها و لا يمكن أن يسمح لأي كان بالتلاعب بها.
لقد لبست هذه الدعوة لباس الخسة و الدناءة و الازدراء بمصالح الشعب و شربت من عفن مجاري مياه الصرف الصحي الذي تحدث عنه الشيخ ولد بايه في إحدى تغريداته على تويتر، كما أنها زادت فاحشة و عهرا و تلطخت بوحل برك السياسة المشؤومة، سياسة فرق تسد التي لم و لن تفلح أبدا في خلط أوراق هذا الشعب المسلم المسالم.
ثم إن دخول رئيس الجمهورية و الحكومة ممثلة في المهندس محمد سالم ولد البشير على الخط من خلال بيان الوزارة الأولى المؤزر لدعوة رئيس الحزب الحاكم، أعطت صبغة أكثر رسمية للدعوة و جعلت المعارضة محرجة فإن شاركت سيقال عنها أنها خنعت و إن قاطعت فسيقال عنها أنها تناصر دعوة الساموري.
لقد بدأت خيوط المؤامرة تتكشف و بات من لا يجهز نفسه لمسيرة الأربعاء لا يؤمن بموريتانيا موحدة و لا ينظر لمصلحتها، و بالتالي من المطلوب من الجميع أن يلعب دورا إيجابيا و يقف وقفة صدق مع النفس و يؤمن بأهمية الوحدة و اللحمة الاجتماعية و السلم الأهلي و يحافظ على ثوابت الامة محبة في الخير لهذا الشعب.
لن يكون من السهل على كل الذين يناوؤون النظام و يقفون في صف المعارضة سواء منها تلك المتحزبة أو تلك التي تلبس لباس العمل المدني أو الحقوقي أن يسيروا في مسيرة يقودها النظام الذي يعارضوه، لكن أيضا في المقابل مثلما أن للسياسة اكراهات فإنه لحب الوطن أيضا إكراهات و يجب أن يقدم الأخير على الأول.
على السادة برامه و مسعود و الساموري حتى، و أحمد ولد داداه و محمد ولد مولود و صالح ولد حننه و السعد ولد لوليد و ولد أحمد عيشه و غلام و جميل و ولد سييدي و غيرهم من المعارضين و المناوئين أن يدعوا بمثل ما دعا رئيس الجمهورية و رئيس الحزب الحاكم، و عليهم أن يقفوا جميعا صفا واحدا لأن الكراهية مآلاتها وخيمة على الجميع و لأن العنصرية مدمرة لوحدة الشعب و لأن الحق مع من يدعوا لوحدة الشعب و ينبذ العنف و التطرف أيا كان مطلقه و أيا كانت أسبابها و مسوغاته.
على أهل الرأي من صحفيين و كتاب و أهل المشورة من علماء و فقهاء و حماة القانون من قضاة و خبراء قضائيين و محامين و كتاب ضبط و موثقين و عدول منفذين و أهل الإدارة من وزراء و مديرين و موظفين و على المنتخبين من مستشارين بلديين و مستشارين جهويين و نواب و على أعضاء المجالس السامية و رؤساء تلك المجالس أن يخرجوا جميعا منادين ضد العنف و التطرف و ضد خطاب الكراهية لا تلومهم في ذلك لومة لائم و لا يثنيهم عن ذلك كِبر و لا تفاخر بالمناصب و لا انتماء لتيار سياسي و لا انتماء لأي عرق من أعراق الشعب الموريتاني.
على الجميع شبابا و نساء و رجالا و شيوخا أن يخرجوا يوم الزحف الأكبر إلى وسط المدينة حبا و كرامة في اللحمة الاجتماعية و وحدة الشعب، و ليعلم الجميع أن الكراهية و خطابها و العنصرية و مسوقيها و التطرف و مريديه لا مكان لهم في بلدي موريتانيا.
عاشت موريتانيا موحدة متحدة تسع الجميع.