من المنطقي جدا أن تكون هناك حروب أو بوادر حروب بين مكونات شعب متعدد الأعراق والفآت قد تجذرت فيه الطبقية والعرقية وامتلأ تاريخه بالمظالم الاجتماعية
ولكننا في موريتانيا نجد عكس ذالك ولله الحمد لا مشكلة في التعايش لا مشكلة في التكافل لا مشكلة في التآخي لا مشكلة في العمل المشترك سياسيا كان أو إداريا أو مدنيا نجد كامل المحبة والأخوة بين الأفراد والأسر من كل المكونات
لماذا ؟ لأن جميع مكونات هذا الشعب ملتزمون بالإسلام منهجا وعقيدة وسلوكا وعملا ينضوون جميعا تحت مرجعيات فقهية وسلوكية متحدة المذهب والمنهج وبالتالي لا يمكن أن يقع شقاق يؤدي إلى الفتنة وارتكاب المحرمات من القتل ونحوه لأن الإسلام يمنع ذلك
ثم إن روح التسامح بعثت روح التآخي والتكافل والمحبة انطلاقا من تعاليم ديننا الحنيف
وهذه المبادئ وهذه المنطلقات وقفت أمام دعاة الفتنة والتفرقة من كل الشرائح وقوضت جهود المنظمات التنصيرية العاملة في البلد والتي تعمل وبكل جد على إحداث شرخ بين هذه المكونات بالتقاط وبث نماذج من التاريخ المظلم الذي ساد في فترة السيبة وخاصة في مجال الاسترقاق وحاولت التركيز على المناطق الأكثر هشاشة وفقرا وجهلا
ولكن جهودهم باءت بالفشل بحمد الله تعالى وذلك للأسباب التالية
- تجذر الإسلام في المجتمع بجميع مكوناته عقيدة وسلوكا
- سطوع نجم الدعوة إلى الله تعالى مبكرا حيث جابت البلاد ودخلت كل بيت فنقحت السلوك وهذبت الأفكار وصححت المبادئ ووقفت بكل حزم أمام الدعوات المنحرفة مهما كان مصدرها كما خلقت وعيا كبيرا نتج عنه إقبال كبير على التعلم والالتزام الشرعي وكثرة المساجد وروادها
- عدم انفراد أي مكون بحمل راية الإصلاح والدفاع عن الحقوق ورفع المظالم التاريخية والسياسة والاجتماعية بل كان دعاة الإصلاح والمنظرين لحل لتوصيف وحل المشاكل من جميع المكونات مما أعطى مصداقية للجميع بأن في أبنائه من ينشد الإصلاح ويرأب الصدع ولا يسمح بتكرر المظالم وفي نفس الوقت لا يرفع شعار الانتقام ولا محاسبة الماضي
- لعب المجتمع المدني (الجمعبات الخيرية والثقافية والدعوية والمعاهد الشرعية والمبادرات الفردية والجماعية ) دورا هائلا في ترسيخ الوحدة الوطنية من خلال إقامة المشاريع التنموية والتعليمية والصحية في المناطق المحرومة مما رفع من مستوى الوعي في الفآت المهمشة والفقيرة
دعاية الترهيب بالحرب الأهلية ضرب من الكسب السياسي والإقتصادي
وظفت جهات مختلفة (منظمات - أفراد - سلطة) واقع التعدد العرقي والجهوي والفئوي وما ينطوي عليه من ملفات قابلة للتسويق داخليا وخارجيا لصالح الكسب بشقيه المالي والسياسي
وأكبر مستفيد من هذا الكسب هي الأنظمة المتعاقبة فكلما انسدت الآفاق أمام سياسة عاجزة عن حلحلة الأوضاع الإقتصادية والسياسية كان موضوع الوحدة الوطنية وملفاته أقرب إلى إنقاذ الموقف فتحريكه سلبا أو إيجابا سيؤدي إلى التعاطف في الأول والتأزم في الثاني لينشغل الرأي العام عن ملفات الأزمات الحقيقية فيتفرغ النظام لما يخطط له من مكاسب داخلية وخارجية والضحية هي الفآت المهمشة والفقيرة واحداث الشرخ بين مكونات الشعب
وهو ما يثقل كاهل دعاة الإصلاح ويضع عليهم عبئا أكثر لعلاج ملفات مزدوجة تتدخل فيها جهات أقوى وأكثر تأثيرا
لكن الإخلاص بإذن الله تعالى يزكي العمل
(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)