عرفت موريتانيا منذ العشرية الأخيرة تناميا خطيرا لخطاب الكراهية والعنصرية، وقد تطور بشكل ملحوظ على أعين الجميع حتى وصل الأمر إلى تربية البراعم الصغار على كره شريحة "البيظان" وتحميلها مسؤولية المخلفات الناجمة عن الجهل والتهميش والطبقية التي أمور يعاني منها جميع مكونات المجتمع، حيث تشير الاحصائيات إلى وصول نسبة الأمية 51 % من السكان في حين وصل دخل المواطن حدود أقل من 1 دولار لليوم، ونسب متدنية لتمدرس البنات ونسب عالية للبطالة إضافة إلى تفشي الانحلال الخلقي والانحراف وتعاطي المخدرات بفعل عوامل العولمة وربط البلد بإفريقيا و أوروبا بعد تطوير شبكة الطرق الحضرية على عموم التراب الوطني وربط البلد بشبكة طرق دولية عن طريق مالي والسينغال والمغرب، وهي أمور جعلت البلاد محطة عبور للآلاف يوميا باتجاه أوروبا وإفريقا وهو تحدي أمني وصحي واجتماعي في آن واحد.
و مع ظهور مؤشرات ثرواتنا الغازية والذهب والنفط، برز دور العملاء في ضرب النسيج الاجتماعي للمجتمع، وهنا يجب على أبناء الوطن من مكونات المجتمع المختلفة رص الصفوف وقطع الطريق أمام المخطط الخبيث لزعزعة أمن واستقرار البلد، وهي أمور تستوجب التوقف عندها لنطرح جميعا التساؤلات التالية:
لمصلحة من نسعى لحرق البلاد...
لمصلحة من نسعى للكراهية...
لمصلحة من نسعى لتقسيم المجتمع...
بلدنا يحتاج تماسكنا أكثر من أي وقت الٱن.
معركة الاستقلال انتصرنا فيها، وبقيت معركة صيانته من العملاء وهي معركة تحتاجنا جميعا.
لقد جررت دون قصد ولا تربص لنقاشات هنا وهناك، على صفحات الفيسبوك وصالونات الواتساب وقد لاحظت أن الشعارات التي يرفعها البعض مجرد شماعات وعكازات يركن لها البعض لتحقيق ذاته، وافراغ بعض من ما يعانيه من عقد وأحقاد وأمور غريبة ولا مسوق لها، وحين يراد نقاشه للوقوف على وجاهة ما يدعي ويقول لمساندته والوقوف معه يضمحل ويضمحل كل ما لديه من دعايات لأنها مؤسسة على شفا جرف هارٍ... وعمق سحيق... ولا يدري أنه بمحاولاته يحفر في صخرة صماء... وشجرة وارفة الظلال ومجتمع ووطن ممتد مابين البحر الأبيض شمالا ونهر النيجر شرقا، وكاص ماص جنوبا ومنطلقه مسلم إفريقي عربي.
إن دور الطليعة الشبابية بالمجتمع ومكوناته المختلفة، يجب أن يكون دورا إيجابيا وفعالا يخدم السلم الاجتماعي واللحمة وتقوية الشوكة ونشر ثقافة السلم والتكافل، ومساهمة في تطوير المجتمع من خلال فتح أقسام محو الأمية ومكتبات للمطالعة ومساجد ومحاظر للتعليم الديني وبناء أندية ثقافية ورياضية وكذلك العمل على الحضور سياسيا ومعنويا للمجتمع وللجميع الحرية في اتخاذ موقف موالي أو معارض في النهاية يجب أن يكون كل عمل سياسي أو اجتماعي يدخل في الأهداف الاستيراتيجية للمجتمع وخدمته... وتطويره لأن تطوير المجتمع وبناؤه على أسس صحيح يقوي البلد ويحميه ويصون استقلاله ووحدته.
هكذا يكون المثقف والسياسي الواعي لرهانات الحاضر ومتطلبات المستقبل في ظل عالم متصارع وغير ٱمن وغير مستقر، تتهدده الأطماع من كل حدب وصوب.
لقد أكدت تجارب سابقة ظهرت من خلالها شخصيات "حقوقية" محمية من قبل جهات أجنبية، أن رهان بعض الحقوقيين بالدرجة الأولى يتلخص في افشال كل خطوة بالاتجاه الصحيح من قبل الحكومة وضرب كل تقارب بين الحكومة والمعارضة حتى يتسنى لهم دوما التكسب والحصول على جوائز ومشاركات في ندوات دولية مدفوعة التكاليف، فحقيقة هؤلاء هي أنه لا يخدمهم غير تنامي خطاب الكراهية والعنصرية، بدل العدالة والمحافظة على أواصر القربى والدين والوطن. سبحان الله... سبحان مقلب القلوب... بعد أن أثقلت صفحاتهم بالتشكيك في كل مبادرة تتحدث عن ضرورة مكافحة خطاب الكراهية والتطرف العنصري والتمييز الاجتماعي. ورغم أن أي نقاش مع أحدهم سيفضح عدم جديته اتجاه حماية اللحمة الوطنية والنظر بإيجابية إلى ضرورة حماية السلم الاجتماعي وعدم تفرقة مكونات مجتمعنا الموريتاني. بعد كل هذا ترى بعضهم اليوم يحاول ركوب موجة توجه عام لدى الدولة بعد أن أثبتت قوى المجتمع المدني فشلها في قضية حماية الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية والوقوف في وجه خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز الطبقي والاجتماعي. وبعد أخذ الدولة مسؤوليتها في هذا الملف بدأ يبرز حقوقييون يحلمون بقطف ثمار لم يزرعوها.
خلاصة القول أن أجندة هؤلاء -في زعزعة وضرب النسيج الاجتماعي للمجتمع- يعيقها أي إجماع من قبل المعارضة والموالاة على عمل مشترك يضع حدا حقيقيا لخطاب الكراهية والعنصرية الذي تعتمد عليه جهات متربصة بأمن واستقرار البلد.
حفظ الله #موريتانيا حرة موحدة ومستقلة.
#السلم_الاجتماعي خط أحمر