لى قادة ميثاق الحقوق السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية للحراطين تلك الفكرة العبقرية التي جسدت تلاحم الموريتانيين و تعاضدهم و إلى حد ابعد من ذلك إيمانهم و التزامهم اتجاه المطالب الحقوقية العادلة فلم يتحسس أي كان و لم يتوجس من تسمية الميثاق بميثاق لحراطين و لم يكلف نفسه عناء إبداء مسوغاته قويت أو ضعفت منطقيها للاعتراض لا على الفكرة و لا التسمية بل اقبل عليه الكل و من جميع المكونات الوطنية و الانتماءات السياسية إقبالا يعكس مدى الوعي بأهمية أن نتشارك جميعا الآمال و الطموحات و نتآزر و نتعاون على ما نحسبه بر و تقوى , لقد كانت تلك رسالة صادقة ترجمت مكانة كل أبناء الوطن في قلوب بعضهم البعض رسالة سرت النفوس و استبشر بها الوطن و أهله خيرا على مستقبلهم و بقدر ما انشرحت لها صدور قوم ضاقت بها صدور آخرين خلا لهم الجو سنينا فروجوا دونما رادع و لا وازع للخطاب العنصري المتطرف و زرعوا الأحقاد في قلوب ضعاف النفوس , لكن تراص صفوف أبناء موريتانيا منذ مشاهد النسخة الأولى من مسيرة ميثاق الحقوق السياسية و الاقتصادية للحراطين دحض زعمهم و فضح فترائهم و افشل سعيهم فحين تنقل الجميع فرادى و جماعات و في المقدمة الشباب و النساء الأطفال و الشيوخ من جميع المكونات و اتجهوا صوب نقطة انطلاق مسيرة الميثاق و ساروا اليد فاليد محاذين بين المناكب و الأقدام التي داسوا بها على أحقاد العنصريين المتطرفين أدرك دعاة التفرقة أن بذور الشقاق التي تعهدوا سقايتها بلعابهم السائل طمعا في حفنة دولارات و يوروهات لم تنبت على هذه الأرض فالله تبارك و تعالى وعد و وعده الحق أن يمحق كل ربا
لقد كان ذلك الحدث تاريخيا بجميع المقاييس و الاعتبارات رغم انه مر دون أن تستخلص منه الدروس للمستقبل و بما أن المقام ليس لسرد وقائع معظم شهودها و لله الحمد أحياء يرزقون غير انه من الواجب التذكير و التنويه إلى أن قوى التطرف و العنصرية تلك حاولت حينها بحيلها و مكرها و مندسيها أن تفشل المسيرة الأول ثم بعد ذلك مسيرات الميثاق في ذكراه السنوية كما تحاول اليوم و سيكون ذلك ديدنها دائما أن تفشل كل إرادة أو مبادرة و حتى كل حدث أي كان نوعه أو جهد مهما صغر تأثيره أن كان يصب في مصلحة رفع منسوب الوطنية في النفوس و إصلاح ما تسبب في تشويه حقيقته هؤلاء العنصرين من ألفة بين قلوب قوم مسلمين مؤمنين لأن أي تقارب في وجهات النظر يخدم وحدة الوطن و تماسك مكوناته سينسف بدون شك الوهم الذي بنوه على وهنٍ في مخيلة أتباعهم من القاصرين فكريا
أليس بديهيا أن الدولة رعت الميثاق و نمى في كنفها منذ المهد ألم تكن التعبئة و التحسيس لكل أنشطة الميثاق الإعلامية و الجماهيرية في العلن و الدولة هي من ترخصها و توفر الأمن و الطمأنينة للمشاركين فيها أليس بديهيا انه لو كان لدولة أدنى اعتراض على أجندة الميثاق لمنعت قيامه بأي نشاط كان
إن قادة الميثاق مطالبون اليوم بأن يفرقوا بين انتماء بعضهم السياسي و واجبهم تلبية نداء وطني أو المشاركة في حدث يهم الجميع كمواطنين ألم يفعلها قبلهم قادة معارضون و نواب معارضون و نقابيون معارضون و رجال أعمال و كتاب وصحفيون معارضون لم يعترض عليهم أحد بل طفق البعض يبرر لهم و يجاملهم في مواقف و إن كنا نستحسنها منهم غير أنها كانت اقرب للرمزية منها للجوهرية كالحدث الذي نحن بصدده و هو مسيرة وطنية ضد التمييز و العنصرية و خطاب الكراهية
إن القضية هي الوطن وحدة و كيانا و مجتمعا و اكبر من أن تقاس بمنطق المواقف السياسية أحرى أن تترك لهوى النفس فالوطن فوق الاعتبارات الحزبية و الميول الشخصية
إن قادة الميثاق بأجنحته الثلاثة - رأب الله صدعها - و الجماهير المؤمنة بوثيقة الميثاق مطالبون بالمشاركة في هذه المسيرة الوطنية فمشاركتهم ليست نزولا عند رغبة طرف سياسي و لو كان مناوئ فالمثل يقول ( الماء ينشرب فخلاك اللبن ) و ليس مخالفة لموقف حليف فالموقف لا يحتمل المجاملة و مثلنا الشعبي يقول (نبقيلك بقيك يغير ما نكره لكرهك )
خلاصة القول إن مسيرة الأربعاء هي دعم و استمرار لمشروع الميثاق القائم على نبذ التمييز و العنصرية و خطاب الكراهية و أهل الميثاق أولى بموقفهم أن يكون المشاركة فيها لدعم أسس التعايش المشترك و التلاحم و الإخاء بين أبناء الوطن و دعم أمن و استقرار و وحدة البلد و نبذ كل دعاية ذات طابع عنصري تحض عل الكراهية فهذا واجبهم الديني و الوطني و إن هم لا قدر الله نكصوا عنه و رهنوا قرار الميثاق بالتبعية لجهات سياسية لسبب أو لأخر فليس لنا سوى أن نقول "على ميثاقنا السلام" .