قراصنة النضال / سيدي عـيلال

حينما نتجاوز ردة فعلنا ،وتفاعل عواطفنا مع المظلوم ضد الظلم ،أو من يحاول تصوير نفسه كمظلوم، أو مضطهد بسبب رأيه ،أو تلبية لطموحه، فإننا نعبر عن أسمى عواطف البشر المرهفة، كل بطريقته وحسب تقديره، وبما يتماشى مع توقعات الآخرين، لذالك ظل الوطن الكسير، يدفع فاتورة انسجامه وتناغمه ،من رصيد حاضره المحاصَر والمصادَر والمُسْتَنزف كما ظلت قيادات التحرر ،وعناصر توعية المجتمع تدفع فواتير العمل الوطني ،وضريبة مشاركة الشعب مفاهيمها ،للحرية وللعدل وللمساواة ،دون إثارة الفوضى المدمرة ،وبأسلوب القيادي المبدع ،الواثق ،المُتَمسِك بإيجابيات المكتسبات، المطالب بحقوق الشعب ،وبأحقية الوطن، في الحياة الكريمة، وفي المكانة المقبولة بين الأوطان ،دون منٍ أودون أذى٠

لذالك فلا استغراب من تناقض الواقع الراهن المتسم بالطفرة النوعية في مجال الحريات وحمايتها ،وحدة خطاب القادة الجدد، وانحراف توجيه خطابهم، فقد ظلت قيادات تحرير الأرقاء وحركات التحرر في الوطن المختطف ،تجنح للسلم ،والتهدئة وتواجه الأنظمة وتسعى لكسب تنازلٍ أو تحقيق مطلبٍ رغم ثقل مناخ الكبت ،والتكميم ،وفقدان الدولة الوطنية الحديثة بوصلة انتمائها، وعجزها عن امتلاك قرارها ،وفرض المستعمرــ الحاضر بقوة ــ لسياستها ،وتحديد أصدقائها ،وصناعة أعدائها ووأد أي رأي مغاير لإرادته أو لدورها ٠

تلك أمة أوصلها قطار نضالها ،إلى محطة جنت فيها جموع ضحايا الظلم ،ثمار النضال الواعي ،المحدد لأولويات مطالبه ،المحافِظ على انسجام مجتمعه ،الداعي إلى مساواة أبناء الوطن الواحد، في الفرص ،وفي الوطن الحر الآمن المتصالح مع ذاته، لمُعتَرِف بأخطائه المُحافِظ على مكاسبه ؛فتحقيق الاعتراف بصدق النضال إن كان هو كل ماتحقق، فهو في حد ذاته مكسب ، فما بالك إن كان ماتحقق يُجَرِم الظلم ويرفض الإقصاء ،ويستهدف الضحايا ،دون غيرهم ،طيًا لمساحات الغبن والتهميش ،وأخذا بأيدي أحفادهم إلى مواقع الاستفادة الطبيعية من خيرالوطن ،ودفئ حضن الأمة الواحدة الجاثية كالطود على أخطاء سلفها ،حينما حاولوا الخروج من قبة الأصهب المغتصب المسيطر الثاقب النظر، وفق ماهر متاح من تبرير انتهاز الفرصة ،التي صنعتها عوامل داخلية ،وخارجية أطرتها ظروف حضارية قاهرة ،ألاستفادة منها تتطلب حسن النوايا ،وشمولية الاستهداف، ونُبل القصد ، وقبول الآخر ٠

إن تغيير وجهة الخطاب، واستهداف المجتمع ،والدعوة الصريحة للانتقام، إفلاسُ نضالٍ وتفريطُُ في ميراث قادة عظماء ، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر،وتهكم صارخ ومرفوض على مجتمع خرج لتوه من متاهاتِ صحراء اختلطت فيها مفاهيم العمالة ،والمقاومة وهاهم قادة النضال الجدد أو قراصنته يشوهون ما تبقى من عبقه ،ويسعون لإتلاف حصاد سنينه ،العجاف ويصبون زيت أدعياء داوود، على نار أحفاد، بونا بارت ،ليربكوا أحباب الرسول الكريم ضحايا الظلم والتخلف ،ووكلاء صراع الآخرين حينما فتحت إرادة الخير، باب الوطن أمام كل ابنائه، ومنحت للجميع حق الإختيار وحق النضال وتكفلت بحماية الوطن ومكتسباته بدافع الوطنية أو بدافع الطموح

 

8. يناير 2019 - 0:48

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا