معا… ضد الكراهية / محمد امبارك لميم

غالبا ما تنتج الكراهية عن أحقاد دفينة سببها الظلم المستمر والحيف المتجدد وغياب الأمل في تطور يؤدي إلى الشعور بالتقدم نحو الافضل …!
كما أن اتساع حجم الظلم وتزايد الطبقة المستهدفة دون غيرها من بقية مكونات المجتمع أوشعورها بذلك الظلم يسبب حنقا يؤدي في الغالب إلى انفجار غير محمود العواقب على البلاد والعباد …!
ولست أزعم أن بلادنا خالية من حيف وظلم تتقاسمه كل الطبقات قسمة ضيزى …وتنال كل طبقة نصيبها وبأشكال متفاوتة في الكم والكيف … من الإزدراء والتهميش والإقصاء إلى الاستفزاز والتجريح وربما التحرش بكل أنواعه ومختلف صنوفه …!
فمن يشارك الناس في حياتهم اليومية في العاصمة : على قارعة الطريق وفي رحلة التاكسي وداخل السوق وفي طابور المؤسسات العمومية ومحطات النقل ودكاكين الحي … يدرك حجم الاحتقان بين المواطنين البسطاء … وسيسمع بأذني رأسه عبارات الكراهية وألفاظ العنصرية المقيتة… وقد يتلقى تهديدا لفظيا وربما يتطور إلى مقدمات الإعتداء البدني إن هو أبدى امتعاضا أو اعتراضا لما يسمع أو يرى … !
والأدهى من ذلك والأمر أن أبسط تماس بين مواطنين يستدعي اصطفاف الفضوليين في الشارع أو الأماكن العمومية الأخرى ينتج عن ذلك آليا تشيع جلي لأحدهما عن طريق لونه قبل أي شيء آخر مما ينذر بخطورة الوضع وضرورة علاجه قبل أن يتحول هذا التشيع (اللوني) إلى تجيش عرقي يفلت من سيطرة الأمن وثوابت المجتمع المبنية على التعايش والألفة والتسامح ونبذ العنف بكل أشكاله المختلفة …!
ولم يسلم من هذا الاحتقان نخب المجتمع من ساسة ومثقفين وحقوقيين ونشطاء جمعويين … حيث أصبح مطية كل واحد من هؤلاء وهؤلاء …. يستخدمه لتجييش أكبر كم ممكن من الأنصار .. واستقطاب البسطاء ولو بدعوى مزيفة لا تصدقها العقول ولم تدركها حواس الحضور ممن شهدوا الوقائع …!
إن علاج مثل هذه الوضعيات يتطلب الصدق والإنصاف وتوعية بسطاء المجتمع من كل الأطراف حتى لا تغتر بمن يستغلون مشاعرها بتلفيق الأخبار بغية إشاعة الكراهية لإيقاظ الفتنة النائمة .. لعن الله من أيقظها …!
كما أن التوعية والحشد ضد الكراهية أمر مطلوب ومرغوب ليؤلف بين قلوب المواطنين الذين سيطرت على بعضهم الأفكار السامة حتى أصبحوا مهيئين إلى ممارسة أعمال خارج السياقات القانونية قد تؤدى بهم إلى ما وراء القضبان أو إلى حبل المشنقة حسب قانونهم الوضعي …!
صحيح أن الحوار بين كل الأطراف قد يؤدي إلى حلول أو أنصاف حلول … ولكن حجم الانفصام والانفصال في مكونات المجتمع المختلف نما وينمو بشكل متسارع ومذهل… ينذر بالتحول إلى المجهول شعرنا بذلك او لم نشعر به … إن مسيرة يوم غد ضد الكراهية يجب أن لاتكون الاخيرة وأن تتبع بأنشطة توعوية جامعة تدعو إلى ضرورة العيش كمواطنين سواسية فى ظل دولة القانون لا كشرائحيين منعزلين عن بقية أطياف المجتمع بفعل الشحن الطائفي الذي يغذيه أفراد وجماعات لايمكنهم رؤية أبعد من أنوفهم …. ولايهتمون بمستقبل البلاد ولا مصالح العباد …!
إن منسوب الكراهية وصل إلى نسب قياسية فهو المسيطر على الخطاب السياسي عند اغلب الساسة النفعيين والحقوقيين المتملقين .. إلى درجة تستدعي البحث عن حلول غير تقليدية لمواجهته بصورة جماعية في شتى نواحي الحياة ولتكن هذه المسيرة هي البداية …

10. يناير 2019 - 9:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا