دون أحكام مسبقة و دونما تفتيش في هويات و انتماءات و نوايا من شارك في المسيرة الوطنية ضد التمييز و العنصرية تأكد لنا يقينا صدق و عمق مقولة من فرط استخدامها في محلها و في غير محلها استلبت الروح من كلماتها و معانيها ألا و هي مقولة ( ابياظ العين ما يصيب عن اكحالها ) و العكس علميا و جماليا صحيح فلا العين تؤدي وظيفتها الحيوية في جسم تعتبر من اصغر أجزاءها إن هي فقدت أحد لونيها و لا موريتانيا دون أحد مكوناتها ستكون تلك الأرض التي تعايش عليها لقرون الأجداد و لا الوطن الذي ضحى من اجل سيادته و استقلاله و وحدته الآباء و لن تكون طبعا المستقبل الذي يطمع و يتطلع إلى أن يرثه الأبناء و الأحفاد
لقد اتحدت موريتانيا في تصميم غير مسبوق على أن تنبذ كل تمييز و كراهية و عنصرية فرسم حشد مسيرة الأربعاء ملامح وجه موريتانيا الحقيقي المشرق فالجموع تدافعت أجسادها و امتزجت مشاعرها و اتحد هتافها و النفوس يغشاها الود و الألفة و المحبة مجسدة و مستحضرة غايات و مقاصد أحد أهم واجبات الركن الخامس من أركان الإسلام و شعيرة من أعظم شعائره و هي رمي الجمرات رجما للشيطان و إغاظة له و ترغيما
إن المسيرة الوطنية التي طغى على حضورها الشباب برهنت و طمئنت على أن موريتانيا و لله الحمد بخير رغم الأصوات النشاز التي تسيء استغلال عدالة المطالب الحقوقية سعيا لتفكيك نسيج هذا الشعب المتلاحم بقوة كلمة التوحيد ذات المفعول و السر الإلهي المعجز
لقد كانت المسيرة بحق رسالة للداخل و الخارج مضمونها أن الجينات الموريتانية عصية على التفكيك فهذا المجتمع المتآخي في الإسلام فطرة و كفى اختلطت أنسابه و امتزجت أعراقه عبر الأجيال بروابط الدم و الرضاعة فهو ذرية بعضها من بعض و تلك نظرية علمية و اجتماعية لن ينسفها نفخ و نفذ العنصريين لا بالأفواه و لا بالأبواق
ختاما و على الصعيد السياسي على الطرف الذي تخلف عن المسيرة أن يقدم لجمهوره حصيلة تقويمية شفافة عن خسائرها المعنوية الفادحة بسبب عدم المشاركة في هذا الحدث الوطني و على الحكومة أن تجتهد في العمل وفق ما جاء في خطاب الرئيس من توجيهات و تسخر وقتها و خدماتها و مقدرات الوطن لصالح الوطن كل الوطن .