الإعلام ودوره في تعزيز الوحدة الوطنية / محمد ولد سيدي

الغيرة على الوطن أمنه واستقراره ووحدته وتماسكه هي حديث الساعة كماعبر عن ذلك الشعب خلال مسيرة الأربعاء ضد دعاة الكراهية والخطاب المتطرف وهنا يطرح أكثر من سؤال : 
كيف نأخذ مسؤوليتنا ؟ أليس الوطن أمانة فينا ك " سلطة رابعة مثلما هو أمانة على السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية؟ 
أليست سلامة الوطن وإنارة الرأي العام وتوجيه الناس نحو الأصلح هي مسؤولياتنا كإعلاميين من يوجه الجمهور ويقوم الإعوجاجات وينقل مشاكل الشعوب والفئات المطحونة في المدن والقرى والأرياف غير الإعلام؟ 
السادة الأفاضل أنتم من يوجه المجتمع بأقلامكم وأفكاركم و إبداعاتكم ...دعونا نتصارح مع أنفسنا كما كنا و عززنا التصالح مع أنفسنا بالأمس واليوم وسنظل على ذلك ماكانت هناك حياة على هذه الأرض بحول الله....
خطوة تأخرت لكننا نثمنها يوم وطني ضد الكراهية والخطاب المتطرف " شكرا فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز المنقذ المصلح عدو الفساد والاستبداد و المتاجرون بالضمائر...
لما وطأ السوفييتي يوري غاغورين سطح القمر في الرابع من أبريل 1961 أعلنت حالة الطوارئ القصوى في الولايات المتحدة الأمريكية فماذا كان قرار الرئيس الأمريكي جون كندي آنذاك أن كل أمريكي يأتي بفكرة لعل وعسى أن تمكنهم من الوصول الى سطح القمر فنجحوا في ذلك في 21 يوليو 1969وأصبح الفضاء لأمريكا بلا منازع والسبب الرئيسي في ذلك هو الوطنية والغيرة على الوطن. 
كذلك نحن نريد من الرئيس أن يعزز غيرته على الوطن بتخصص يوم وطني للإنتاج الوطني كما خصص التاسع من يناير عيدا وطنيا ضد دعاة الكراهية والخطاب المتطرف ، نريد " مرتنة كلما نستهلك من مواد غذائية و صحية و ملابس و وسائل نقل و من مفروشات حتى نشعر بوطنيتنا الى متى نستهلك ولا ننتج هذا هو مايجب أن تتزاحم عليه العقول وتسير عليه مقتضيات الحياة.؟ 

إننا في مرحلة رص الصفوف و ابراز وحدتنا الوطنية التي لم تزعزعها الظواهر الدخيلة التي كانت هي السبب الرئيسي في الدعوة الى مسيرة الوحدة ضد الكراهية والخطاب المتطرف والسبب الرئيسي في استصدار القانون رقم 023 2018 المنظم للحريات العامة...
وهنا يطرح أكثر من سؤال في هذا الشأن:
ماهو التطرف؟ هل يخص مكونة دون أن أخرى؟ ألا يوجد في كل مكون شذاذ وفي كل فئة أو طريقة أو مذهب؟ وأعتقد أن الفكر التكفيري وجد طلابا من كل المكونات الإجتماعية بيظان واحراطين واكور وأعتقد أيضا أن التطرف في المعنى الأيديولوجي للكلمة أنتج رؤساء أحزاب ونقابيون وحركيون من كل العناصر وعليه يجب أن نقرأ الواقع كما هو بحلوه ومره؟ 
التطرف كلمة حديثة النشأة نسبيًّا : في الغرب تعود الى صعود اليمين المتطرف و معاداة المهاجرين وفي العالم العربي وغيره ارتبط التطرف بالفكر الجهادي وظهور الحركات التكفيرية ومن مسؤوليتنا كإعلاميين وساسة و كتاب أن نفرق بين الدعوة في الحصول على الحقوق والعدالة الإجتماعية مع الفرق بين التطرف والمطالب الشعبية من هنا كان التشظي في مجتمع البيظان احراطين، ، امعلمين ناتجا عن تراكمات ماضوية عجزت حكومات مابعد الإستقلال أن ترسم لها استراتيجية تنموية تقارب بين مختلف المكونات الإجتماعية ، و لا توسع الهوة بين أبناء الوطن الواحد وعليه كان لمناخ الحرية و الثورة الرقمية عاملين أساسيين في انتشار مطالب من ظلمهم التاريخ وهمشتهم الأنظمة عبر الوسائط الإجتماعية بشكل لا يخلو في بعض الأحيان من التجريح و يتعارض مع القانون والأعراف والنظم المعمول بها متناسين أن للحرية ضوابط دينية وقانونية وأخلاقية فحريتك تنتهي عند حرية الآخرين ، هناك مجموعات ليست أقليات لكنها مهمشة في أوطان عديدة كالسنة في إيران و الشيعة في دول الخليج والأمازيغ في المغرب العربي المطالب شيئ و التطرف شيئ آخر...
.إن القانون 023 لا يتعارض شكلا و مضمونا مع ماهو موجود في تراثنا الإسلامي منذ أربعة عشر قرنا عن طريق تحريم القذف و الشتم والتجسس والكلام النابي قال تعالى: ( ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺟْﺘَﻨِﺒُﻮﺍ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﻥَّ ﺑَﻌْﺾَ ﺍﻟﻈَّﻦِّ ﺇِﺛْﻢٌ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠَﺴَّﺴُﻮﺍ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﻐْﺘَﺐْ ﺑَﻌْﻀُﻜُﻢْ ﺑَﻌْﻀًﺎ ﺃَﻳُﺤِﺐُّ ﺃَﺣَﺪُﻛُﻢْ ﺃَﻥْ ﻳَﺄْﻛُﻞَ ﻟَﺤْﻢَ ﺃَﺧِﻴﻪِ ﻣَﻴْﺘًﺎ ﻓَﻜَﺮِﻫْﺘُﻤُﻮﻩُ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺗَﻮَّﺍﺏٌ ﺭَﺣِﻴﻢٌ )وقوله تعالى أيضا:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )

ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻗﺎﻝ : ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :
ﺇﻳﺎﻛﻢ ﻭﺍﻟﻈﻦ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻈﻦ ﺃﻛﺬﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ، ﻭﻻ ﺗﺤﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺠﺴﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﻨﺎﻓﺴﻮﺍ ﻭﻻ ﺗﺤﺎﺳﺪﻭﺍ ﻭﻻ ﺗﺒﺎﻏﻀﻮﺍ ، ﻭﻻ ﺗﺪﺍﺑﺮﻭﺍ ﻭﻛﻮﻧﻮﺍ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﺎً ‏رواه البخاري 
وبالتالي من الواجب الأخلاقي أن يسود الود والتسامح بيننا وأن نعرف كيف نوجه المجتمع ...

أيها الحضور من حملة مشاعل الفكر وأصحاب الرأي:
لا ننكر أن سياسة الحكومة الحالية بمثابة ثورة في جميع المجالات الحيوية خاصة في أوساط ما يعرف بآدوابة من تجمعات سكانية الى بناء مدارس ومشافي و مشاريع زراعية وأخرى مدرة للدخل ؛ ولكن لا ننكر كذلك أن أجيال اليوم متعلمون جميعا ولم تبقى شهادة إلا ويوجد من حملتها جيوش من الكوادر من كل الأصناف. 

تماشيًّا مع موضوع النقاش الإعلام ودوره في تعزيز الوحدة الوطنية دائما أقول- ومازلت أقولها- إن موريتانيا لن تكون يوما مثل جنوب أفريقيا ولم تطبق فيها سياسة لابارتايد و عليه فإذا كان فيه من مشاكل اقتصادية واجتماعية فإنها قابلة للتجاوز مادام النقاش والحوار والمصارحة مسائل تذكر فتشكر لنظمِنا المعاصرة. 
وفي الختام نقول أن البلد في أمسِّ الحاجة الى اعلام يوحد ولا يفرق يخمد الحرائق ولا يشعلها فالبعض للأسف انجر وراء التجاذبات السياسية والطائفية في الأيام الأخيرة ونرجو أن يبتعد الكل عن مثل هكذا مواقف غير موضوعية نظرا للمنعطف التاريخي الذي تقبل عليه البلاد فإنه على أصحاب الرأي والمشورة أن يوجهوا أصحاب الضمائر الحية من سياسيين وحقوقيين و قادة أحزاب و كل القوى الحية الى طريق الرشاد فالجري وراء الأهواء والعواطف من زوايا ضيقة يقود البلد الى مالاتحمد عقباه و نقول لدعاة المحاصصة أن المحاصصة ليست حلا وليست علاجا لأمراض لم يكن جيل اليوم وأبناء اليوم هم المسؤولين عنها فالدول التي تقوم عليها ليست دول بالمفهوم الحقيقي مثل لبنان والبوسنة ف مانديلا حكم جنوب أفريقيا واستولى السود على جميع الوظائف الحكومية لكن ذلك لم ينهي معاناتهم كذلك الحال فينا نحن فقد تكون الحكومة بكل خلاياها الإدارية من مجموعات شعرت بالغبن والتهميش لكن ذلك لن يغير من المعادلة في شيء من هذا المنطلق نطالب الحكومة و أصحاب الرأي في إعادة النظر في السياسات العلاجية من أجل خلق مجتمع أكثر تلاحما وتضامنا من أي وقت مضى. 
تعايش المكونات الإجتماعية بوحدة وسلام وأمن واستقرار مسؤولياتنا جميعا فلنحافظ على وحدة وتماسك الشعب واستقراره .

15. يناير 2019 - 7:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا